الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رغم تحسني بالرقية ما زلت أوسوس حول مرضي!

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة عزباء على قدر من الجمال والعلم -والحمد لله- خطبت عدة مرات ولم تتيسر، آخر مرة قرر الخاطب فسح الخطبة بعد شهر وبدون وجود أي مشاكل، عندما تقدم لخطبتي وعند موافقتي تملكتني رعشة غريبة، هدأت بذكر الله، وعند حديثي معه أول مرة احترقت الإنارة في البيت، بعد فسخ الخطبة استرجعت العديد من الأعراض، واكتشفت أن بي مساً عاشقاً منذ الصغر، كنت أركض ليلاً مع الأطفال، شعرت بصفعة تنزل على وجهي، ولم يكن هناك أي شخص يضربني، بدأت بعد فسخ الخطبة برقية نفسي، واظبت على قراءة سورة البقرة، ويوسف، وطه، والصافات، والدخان، والتغابن، والمعارج، والحاقة، والجن، وشرب ماء مرقي، والاغتسال بماء مرقي وورق السدر، والاستماع للرقية، والدهن بزيت مرقي، كانت تظهر عليّ علامات مثل ثقل اليدين والرجلين، وحرارة، وأحياناً برودة وتنميل.

في إحدى المرات أغمي عليّ وبدأت أصرخ، واحمر وجهي، وانتفخت شفتي، وشعرت بتنميل وحرارة في كامل الجسد، وبعدها انتهى الصراخ، وشعرت ببرودة في كامل الجسد، ولم أستطع التحرك، كان جسمي متعباً، وبعدها شعرت براحة، ثم إسهال، عندما ذهبت إلى الراقي لم أتأثر، اقترب من عنقي وضغط ولكن لم أتأثر، واصل القراءة ساعة، ثم قال: إنه ليس بي شيءٌ، وبعدها ظهرت على جسدي كدمة خضراء، الآن عندما أستمع إلى الرقية لا أتأثر، بل أحياناً أردد مع الراقي بعض الآيات، واختفى النبض من بطني، وما زلت مواظبة على سورة البقرة، والذكر، والماء المرقي، والزيت المرقي، لكني أخاف أن المس الذي بي لم يخرج، وأصبح عندي وسوسة، فهل ما أشعر به وسوسة من القرين أم أني لم أشف!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يحفظك وأن يرعاك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به وبعد:

أختنا الكريمة: المؤمن يسير حول القرآن والسنة متلمساً طرق النجاة، وحين يفعل ذلك يستريح ويهدأ، ومن الأمور التي يجب أن تكون عقيدة عندك أن الجن لا يملك من أمره شيئاً، لا يقدر أن يحرك ساكناً، ولا يسكن متحركاً، إذا لم يأذن الله في ذلك، وقد أخبرنا الله -عز وجل- أنه ليس له سلطان على المؤمنين، لكن المشكلة عند البعض هو ضعف هذا اليقين؛ لذا يضخم من قدرات الجن ويجعله في منزلة هو دونها بكثير، وقد ساعده على ذلك جهله بعقيدته، وأصبح تحت تأثير عدوين:
أهونها: الجن.
وأشدهما: النفس المهزومة والمقتنعة.

وهنا تكمن المشكلة -أختنا المباركة- لذا نرجو أن تنتبهي لحديثنا جيداً، وسنضعه في عناصر حتى يكون أقرب إلى الإيضاح:

أولاً: الشيطان ضعيف، ولا سلطان له البتة على المؤمن، واستمعي معنا إلى قول الشيطان في خطبته لأهل النار، قال تعالى: {وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم}.(إبراهيم:22)

انتبهي لقوله: (وما كان لي عليكم من سلطان)، واستحضري قول الله تعالى: (إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا) ساعتها تدركين أن التضخيم في غير محله، وأن العبد المتصل بالله المتحصن بالذكر لا يقدر الشيطان ولا أعوانه جميعاً على إلحاق أدنى ضرر به.

ثانياً: لقد عالجت نفسك -والحمد لله- لكن بقيت الآثار السلبية راسبة في النفس، وهذا طبيعي فلا تقلقي، وسيتلاشى شيئاً فشيئاً كلما ازدادت قناعتك بعقيدتك، وتمسكت بأذكارك، وتخلصت من أوهامك.

وعليه فلا ينبغي أن نفسر كل الأحداث المحيطة بنا على أنها جن، الجن ضعيف -يا أختنا- وإذا حصنت نفسك بالذكر، فلا هو ولا فصيلته كلها يستطيعون أن يفعلوا لك شيئاً، هذا يقين لا يحتمل أدنى شك، وعليه فإن البقايا الباقية عندك بعد التحصين مردها للنفس لا لغيره.

ثالثاً: إننا ننصحك أختنا بما يلي:
1- الاقتناع التام بضعف الجن، وأنه ليس له سلطان إلا الوسوسة.
2- التفاعل الإيجابي عند كل تحسن، وإرسال رسائل إلى المخ واضحة بأن الأمور تسير للأفضل، لابد أن تحدثي قناعة ذاتية بذلك.
3- عدم تفسير الأحداث السلبية بتفسيرات غير منطقية، مثلاً إذا كسر شيء في البيت فكرنا بطريقة منطقية بأن أحد الأبناء كسره أو وضعه بطريقة خطأ أو.. أو..، المهم التفسير بالمنطق، والابتعاد عن المغيبات.
4- استمري على الأذكار صباحاً ومساءً، وقراءة سورة البقرة كل ليلة أو الاستماع إليها؛ فهي -بإذن الله- حصن حصين.
5- نريد مع ما مضى تحصين البيت كله بالأذكار الصباحية والمسائية، وأذكار النوم، والوضوء قبل النوم، مع قراءة آية الكرسي عند النوم، كل هذا يقوم به أفراد الأسرة جميعاً.

ثم مارسي حياتك طبيعية جداً؛ فأنت -والحمد لله- معافاة، نسأل الله أن يحميكم وأن يحفظكم.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً