الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

"رحمتي سبقت غضبي"..كيف أوظفها لتكون منهجاً لي في حياتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بارك الله فيكم.

سؤالي: هو أنني أريد فوائد عملية أوظفها في حياتي اليومية لعبارة (رحمتي سبقت غضبي)، التي هي فوق عرش الرحمن من فوق سبع سماوات، وما هذا إلا لعظمتها.

أردت معرفة كيف أعمل بهذه العبارة في حياتي اليومية، وجعلها منهجاً في حياتي؟ وما الدروس التي نستفيدها منها؟

بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دنيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله أن يزيدك همّة في الخير؛ فالكثير من النصوص الشرعية لها دلالات عظيمة، ويمكن توظيفها في الكثير من الجوانب التي ترتقي بالإنسان والنفس والمجتمع، ومن هذه العبارات ما ذكرت، وهي جزء من حديث يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (لَمَّا قَضَى اللَّهُ الخَلْقَ، كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي) رواه البخاري ومسلم.

وهذا الحديث فيه بيان سعة رحمة الله تعالى، وأن الرحمة صفة ذاتية له سبحانه يرحم بها من يشاء من عباده، وهذا يدل على عظمة الرحمة وأهمية التخلُّق بها، والاجتهاد في توظيفها في حياتنا العملية، وتعاملاتنا اليومية.

ولهذا الحديث دلالات كثيرة ترتبط بالرحمة يمكن توظيفها لتكون منهجاً تربوياً وأخلاقياً لكل مسلم، ومن ذلك بإيجاز:

أولاً: عظمة خُلق الرحمة، وأنه مُقدّم على الغضب، وهذا يمكن توظيفه في أن الأساس في التعامل مع الآخرين هو الرحمة والإحسان قبل أي شيء.

ثانياً: عدم القنوط أو اليأس من فضل الله وإحسانه وعفوه؛ فرحمته وسعت كل شيء، وتوظيف ذلك في عدم تقنيط الناس من التوبة مهما حدث منهم، وأن الله رحيم كريم يقبل التوبة ويعفو عن السيئات، وهكذا يكون تعاملنا مع الناس في علاقاتنا.

ثالثاً: العظمة والسعة والإحاطة للرحمة، وهذا يمكن توظيفه في توسيع دائرة الرحمة، كما جاء به الشرع؛ فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة، وليُحدَّ أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته) رواه مسلم. فالرحمة شاملة للتعامل مع كل شيء حي.

رابعاً: الإحسان عموماً هو أثر من آثار الرحمة، سواء للوالدين، قال تعالى: (وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)، أو رحمة الأبناء والإحسان إليهم ورعايتهم، ورحمة الفقراء والمساكين؛ فكل ذلك من آثار الرحمة ومظاهرها العملية، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الرَّاحمون يرحَمُهمُ الرحمنُ، ارحموا أهلَ الأرضِ، يرحمْكم مَن في السماءِ) رواه أبو داود والترمذي وأحمد.

خامساً: كل فعل وسلوك له دلالة على الإحسان والعطف والمساعدة فهو أثر من آثار الرحمة وتوظيف لها.

وفقك الله، وأعانك على الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً