الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف من الغيبة وتحولت مخاوفي إلى وساوس!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحبتي: أرجو الرد على استشارتي، أعاني من وساوس كثيرة وشديدة بشكل لا يوصف حول موضوع الغيبة، فمثلًا عندما يتكلم أحدهم عن شخص أعمى أو أصم أمامي أدعو لجميع من أصيبوا بالعمى أو الطرش في العالم.

وعندما أكون مع أحد الأصدقاء ونمر عند مبنى قديم أو سيارة قديمة ويقوم صديقي بالتعليق عليها، أدعو لأهل هذا البيت ومن بناه، وكذلك لمن صنع السيارة، علمًا أني لا أعرف أصحاب البيت أو السيارة.

وعند قراءة كتب الحديث أتجنب قراءة أسماء المدلسين؛ خوفًا من الوقوع في الغيبة، فهل هذا الأمر صحيح؟ أرجو الرد لأن الموضوع أرهقني جدًا، وأنا ملتزم -ولله الحمد-.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عثمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

أولًا: نسأل الله تعالى لك عاجل العافية والشفاء من هذه الوساوس.

وثانيًا: ينبغي أن تتدارك نفسك وتُنقذها من تسلُّط الوساوس عليها، فإن الوساوس شرٌّ مستطير، يُوقعك في أنواع من الحرج والضيق، ويجلب إليك أنواع القلق، وهي بلا شك -أي الوساوس- متابعة لخطوات الشيطان، وليست سيرًا في طريق الرحمن، ولا إرضاءً له، وإنما يحاول الشيطان أن يُزيّنها بحجّة الاحتياط للدّين والحرص عليه والخوف من الذنوب، وغير ذلك من وساوسه وحيله الشيطانية.

والله تعالى يُحذّرُك من اتباع خطوات الشيطان، ولا يرضى لك أن تكون سائرًا في طريقه، فقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [النور: 21].

فكل ما ذكرته في سؤالك هو في الحقيقة من آثار هذه الوساوس، فنصيحتنا لك أن تتبع الأسلوب النبوي في معالجة الوسوسة، وهو مكوّن من أمورٍ ثلاثة:

- الأول: تحقير الوساوس والإعراض عنها، وعدم الاهتمام بها والاشتغال بها، فلا تفعل شيئًا ممَّا تُمليه عليك هذه الوسوسة، واصبر على هذا، فإنك تجد صعوبة في أول الأمر، ولكنّك إذا صبرت عليه فإنك ستجد -بإذن الله تعالى- آثارًا عاجلة.

- الأمر الثاني: الإكثار من الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم حين تُداهمُك الأفكار الوسواسية.

- والثالث: الإكثار من ذكر الله، فإن ذكر الله تعالى حصنٌ يتحصَّنُ به الإنسان المسلم.

فإذا صبرت على هذا الطريق فإنك ستُخلِّص نفسك -بإذن الله تعالى- من شر الوساوس، فنسأل الله أن يُعينك، واستعن بالله ولا تعجز.

وأمَّا ما ذكرته من الغيبة؛ فإن أكثرها ليست غيبة في الحقيقة، فقراءة كتب الحديث التي فيها ذكر المدلّسين ليست غيبة، وابتعادُك عن قراءة هذه الأسماء هو تفاعل وعملٌ بمقتضى الوساوس، الذي أمرناك وأمرك به النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تبتعد عنه، وكذلك خوفك من غيبة السيارة أو المبنى، أو غير ذلك، فهذه كلُّها آثار لهذه الوساوس، وإذا ذُكر شخصٌ بوصفٍ لا يُعرف إلَّا به -مثل الأعمى، أو الأصم، أو نحو ذلك- فهذه ليست من الغيبة المحرّمة.

فالخلاصة أننا ننصحك بالإعراض التام عن هذه الوساوس، واعلم أن الله تعالى سيتجاوز عنك ويغفر لك، ويُعاملك بالمسامحة والعفو حتى لو وقعت في بعض الأخطاء وأنت في طريقك للتخلص من هذه الوساوس.

فهذه نصيحتنا، نأمل أن تكون جادًّا في الأخذ بها لتُخلِّص نفسك، وإلَّا فإنك لا تضرّ إلَّا نفسك.

نسأل الله تعالى أن يوفقك ويأخذ بيدك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً