الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية علاج حالات الخوف الشديد من الموت وغيره؟

السؤال

السلام عليكم

منذ أكثر من 15 سنة أعاني من خوف شديد من الحياة، وزاد الخوف والاكتئاب بعد زواجي، وبعد أن رزقت طفلتين -ولله الحمد- أنا أرى نفسي أموت كل ليلة، وأحس أن الصبح لن يطلع علي بعد النوم، مع اكتئاب شديد، وخوف على بناتي من الموت أيضاً، أو أنني أفقدهم، مع عدم التركيز والوسوسة، والخوف من السفر، وكل شيء، استعملت أدوية كثيرة ولم أستفد، وذهبت لعيادات، ونفس الشيء، كل دكتور يشخّص الحالة على كيفه دون جدوى، فأرجو الإفادة.

وجزاكم الله عنا ألف خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ السائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيراً ونشكرك على رسالتك هذه.

الأعراض التي ذكرتها من الواضح أنها أعراض اكتئابية في المقام الأول، والاكتئاب له عدة أنواع، وله عدة أشكال، وكثيراً ما يكون مصحوباً بالخوف والقلق والتوتر والوساوس، وعدم الثقة في النفس.

أرجو ألا تنزعج من هذه المسميات الكثيرة، فالأصل هو الاكتئاب وبعد ذلك الأعراض الجانبية تكون مرتبطة بالاكتئاب، وحقيقة طريقة العلاج واحدة إلى درجة كبيرة.

أولاً: لا بد أن تفكر في الأشياء الإيجابية والجميلة والعظيمة الموجودة في حياتك، أنا على ثقة كاملة أن هنالك أشياء كثيرة إيجابية ومتميزة في حياتك، ولكن الاكتئاب جعلك تنصرف فكرةً وعاطفة عن هذه الأشياء الجميلة، فارجع إلى ذلك وفكر فيها، فكر في زوجتك وبناتك، وفكر في شبابك، وفي عقيدتك، وصلتك وتواصلك مع الآخرين، وأنك أفضل من كثير من خلق الله.

هذا التفكير الإيجابي ضروري، ولا بد للإنسان أن يأخذه بقوة وبيقين، وهذا النوع من الفكر يهزم الاكتئاب بدرجة كبيرة.

ثانياً: عليك بإدارة الوقت، فإدارة الوقت الآن تعتبر من الوسائل الممتازة لهزيمة الاكتئاب؛ لأن الاكتئاب يتصيدنا، يتصيد الناس في أوقات الفراغ أو يجبرهم على التقاعس وعلى التكاسل وعلى الانزواء والانسحاب الاجتماعي، فاجعل لنفسك خارطة فكرية تقوم على إدارة الوقت بصورة صحيحة، خصص وقتاً للعمل، خصص وقتاً للزيارات، للتواصل الاجتماعي، للجلوس مع الأسرة، للعبادات، للقراءة، للرياضة، وأي نشاطات أخرى بشرط أن تلتزم بهذه الخارطة الزمنية التي وضعتها، هذا واحد من الأشياء التي تعالج الاكتئاب بصورة فاعلة جدّاً إذا التزم به الإنسان، وإذا غيَّر من نمط حياته التي قامت على التكاسل وعدم الفاعلية، والشعور بالسلبية.

ثالثاً: عليك أن تقيم ذاتك بصورة أقوى، لا تحقر من قيمة ذاتك، فأنت -بحمدِ الله- إذا نظرت لنفسك سوف تجد أنك يمكن أن تكون أفضل مما أنت عليه الآن، ورفع الهمة ورفع قيمة الذات وبناء هذه المشاعر الداخلية يعتبر أمراً ضرورياً.

رابعاً: كل ما تخاف حياله وكل ما توسوس حياله عليك أن تقوم بفعل أو فكر مخالف، حقر فكرة الخوف إن كانت من السفر أو غيره، حقر الوسوسة، وبعد ذلك استبدل الفكرة بفكرة مضادة، وهذا ليس صعباً وليس مستحيلاً إذا أجرى الإنسان حوارا مع نفسه، قم بحوار دقيق مع نفسك وسوف تستخلص النتائج الإيجابية جدّاً.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي وهو مهم جدّاً، -والحمد لله- توجد الآن أدوية طيبة جدّاً، وأنت ذكرت أنك ترددت على كثير من العيادات، وتناولت الكثير من الأدوية، أنا لا أنكر أن الأدوية متشابهة لدرجة كبيرة، وأن الأطباء الآن مستوياتهم متقاربة جدّاً، ولكن استعمال الدواء يتطلب الصبر والالتزام بالجرعة الصحيحة، هل تعلم أن بعض الأدوية لا تتأتى بنتائج إيجابية إلا بعد ثلاثة أو أربعة شهور من استعمالها، ونحن نعلم أن الإنسان عجول وقد لا يصبر على ذلك، ولكن في هذه المرة أريدك أن تصبر، وأسأل الله تعالى أن يفرج عنك وأن يزيل عنك هذا الهم وهذا الكرب.

الدواء الذي أود أن أرشحه، وأعتقد أنه جيد، هو العقار الذي يعرف باسم (سبراليكس)، ربما تكون قد تناولته في مرات سابقة، ولكن أريدك أن تتناوله الآن، ابدأ بجرعة (10 مليجرام) ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى (20 مليجرام) وأريدك أن تستمر على هذه الجرعة لمدة عام على الأقل -وهذه ليست مدة طويلة- وبعد نهاية العام يمكن أن تخفض الجرعة إلى (10 مليجرام) لتكون الجرعة الوقائية، واستمر عليها لمدة عام آخر.

هنالك بالطبع من يضيف بعض الأدوية التي يعتقد أنها ربما تكون مدعمة للدواء الأساسي، فهنالك من اعتقد أن العقار (بوسبار) دواء مدعم، وهنالك من يرى أن العقار (فلونكسول) دواء مدعم، وهنالك من يرى أن مثبتات المزاج مثل عقار (لامكتال) أيضاً دواء مدعم، وهنالك أبحاث تشير أن تناول هرمون الغدة الدرقية والذي يعرف (L ثايروكسن) إذا تناوله الإنسان بجرعة صغيرة حتى ولو كانت الغدة طبيعية في وظائفها فإن ذلك يساعد في القضاء على الاكتئاب.

ولكن لا أود منك أن تدخل في هذه الإضافات التي ذكرتها لك، ذكرتها فقط من مجال المعرفة والإلمام بالأمر، أريدك فقط أن تستعمل السبراليكس، وأريد منك أن تكون لك الهمة والعزيمة، -وإن شاء الله تعالى- سوف يزول هذا الاكتئاب.

وأسأل الله لك الشفاء والعافية.

وبالله التوفيق.
===========
لمزيد من الفائدة في علاج الخوف من الاكتئاب سلوكياً ً يمكنك الاطلاع على هذه الاستشارات :
(272262 - 281014).

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً