أرغب بزواج غير تقليدي يكون بعد قصة حب، فهل أنا على صواب؟

2017-03-15 03:19:25 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أنا فتاة عمري 25 سنة، عزباء، متوسطة الجمال، ومهندسة، وملتزمة دينيا جداً -بفضل الله-، وبارة بوالديّ جدا.

قبل فترة قال الشيخ أنني مسحورة، وتعالجت حسب ما وصف لي من رقية وعسل وغيره، لكنني بدأت أشعر وكأنني سلعة رخيصة الثمن، كل من يتقدم لرؤيتي يبادلني النظرات والكلام، وأكون متوترة وخائفة وتتغير ملامحي كاملة تجاه هذا الشيء.

تقدم شاب لخطبتي قبل شهر، وكانت صفاته رائعة، أعجبني جداً، وشعرت بالارتياح وهو كذلك، وأخبرني أن بيته جاهز، والأثاث يكون باختياري، فدعوت ربي كثيرا ليكون من نصيبي، واستيقظت بالثلث الأخير أبكي وأدعو ربي أن يكون هذا الشاب من نصيبي، وصمت النوافل، لكن بعد فترة أخبروا أبي أنه لا يوجد نصيب.

تعبت وانهرت، شعرت أن قلبي لا يتحمل كل هذا الألم، أعلم أن كل شيء نصيب، وأرزاقنا مكتوبة، لكنني تعلقت به وأحببته فعلا، والله أدعو دائما أن يقبض الله روحي وأموت كي أرتاح، فكلام الناس مؤلم لأنني كبرت ولم أتزوج.

لا أريد أن أعيش وحيدة، ولا أريد العيش مع أي شخص كان، فالشخص الوحيد الذي وجدته رحل فجأة، لا أعرف كيف أنساه، ما زالت نظراته وكلماته تراودني دائماً، فصديقاتي تزوجن عن حب، وأنا بدأت أشعر أن الصواب أن أقلدهن، وأبحث عن شاب ليحبني ويخطبني، لا أستطيع تحمل الزواج التقليدي.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ راما حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بخصوص سؤالك فقد ذكرت ما أنعم الله عليك من الصفات ما يستوجب الشكر، فلا أعظم من نعمة الاستقامة والالتزام بهذا الدين في المحافظة على الصلاة والصيام, وعلى نعمة العفة، وهي خلق إيماني رفيع وثمرة كريمة من ثمار الإيمان وانتصار النفس وصبر وقوة وتحمل عن الانسياق لاستجداء الناس والكف عن المحرمات وعن الخدش بمقتضيات الحياء والمروءة، قال تعالى: ( وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله)، وفي الحديث: (ومن يستعف يعفه الله, ومن يستغن يغنيه الله, ومن يتصبر يصبره الله, وما أعطي أحد عطاء خيرا ولا أوسع من الصبر)، متفق عليه. ومعنى يعفه الله: أن يجازي صاحبه عن الاستعفاف بصيانة الوجه ودفع الفاقة ويرزقه النعمة والقناعة.

لا ينبغي لنا أن ننهار عند نزول الفتنة والبلاء، وننسى فضله علينا والنعماء، كما قال تعالى: (وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون)، فاثبتي على إيمانك بالله - جل شأنه - وبالقضاء والقدر خيره وشره من الله سبحانه تعالى؛ إذ رأس مال المسلم إسلامه وجنسيته - في الحقيقة - إيمانه، (بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين)، وكونك – كما ذكرت (متوسطة الجمال) فهذا أيضا من النعم المستوجبة للشكر (وأما بنعمة ربك فحدث)، فهي جديرة بعد تلك المزايا الجميلة والجليلة السابقة بأن تحظي بالزوج الصالح الذي يعينك على سعادة الدنيا والآخرة.

ما عليك - أختي الكريمة - إلا بأن تتحلي بما ذكرناه من الثبات على واجب الشكر (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد)، وأن تثبتي على واجب الصبر (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوت من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)، والرضا بالقضاء، حيث لا يقع في الكون شيء من المقادير والمصائب إلا وفق مشيئة الله وحكمته كما قال تعالى : (إنا كل شيء خلقناه بقدر)، فلا ينبغي لك الضعف والانهيار لهذا البلاء والفتنة، أو أن تدعي على نفسك بالموت، فما زال المستقبل أمامك واسعا وجميلا -بإذن الله-، وقد جاء في الحديث المتفق عليه من حديث أنس قال صلى الله عليه وسلم : (لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه, فإن كان لا بد فعلا فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي, وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي).

تفاءلي بالمستقبل، ولا يتكدر مزاجـك أو تصابي بالقلق والاكتئاب، أحـسني الظـن بالله تـعالى وتـأملي ثـواب الصـبر بعظيم الجزاء والعاقبة والثواب والأجر.
دع المقادير تجري في أعنتها ولا تبيتن إلا خالي البالي
ما بين غمضة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال

ولذا فإني أوصيك بالقناعة والرضا بما ابتلاك الله، وعدم الاستعجال، فإنك لا تدرين أين يكمن حظك وتكون مصلحتك، فلعل الله سبحانه وتعالى صرف عنك بدعائك وابتهالك إليه شرورا ومتاعب لا تعلمينها كما قال تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون).

أقول هذا من باب التذكير، حيث لا أظن أن ما ذكرته أعلاه مما يخفى عليك، فالإنسان في تعامله في هذه الحياة بما فيها من عوائق وإحباطات لا يستغني - مهما كان – عن الذكرى (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)، والمعنى: إنه لا ينتفع بها إلا القلوب المؤمنة كما قال تعالى : (سيذكر من يخشى ويتجنبها الأشقى...).

وأما ما يراودك أحيانا من التفكير الشيطاني كصديقاتك في ترك الزواج التقليدي بما قد يفهم منه التبرج والسفور والتعرض بالكلام مع الرجال الأجانب ونحو ذلك من المخالفات الشرعية والأخلاقية، فإن ذلك كما هو معصية لربك وتعريض النفس للإثم والعقوبة، فهو كذلك مما يسيء إلى نفسك وشرفك وعرضك كما لا يخفى عليك، ولا أعز على الإنسان ولا أغلى عليه من شرفه وعرضه، هذا الذي ينبغي المراعاة فيه بعد مراعاة أمر الله ونهيه، فإن كلام الناس لا ينفع ولا يضر ولا يقدم ولا يؤخر وليس هو معيار الحق كما قال الإمام الشافعي رحمه الله: (رضا الناس غاية لا تدرك, ورضا الله غاية لا تترك).

ومجرد تأخر الزواج قد يكون فيه المصلحة كما هو واقع كثير من الأحوال، ولا يجوز أن تتسخطي من الأقدار، فهي لا تكون إلا بأمر الله وحكمته، وكذا الدعاء على نفسك – حفظك الله وسلمك – بالموت لمجرد ضر مهما رأيته كبيرا فهو قياسا إلى ابتلاءات غيرك من النساء في كثير من البلاد والظروف يسير يسير، فاحمدي الله على نعمة الإسلام والعافية.

وإني مؤمل لك -بإذن الله- أن يحقق مرادك ويعطيك مناك وسؤلك في (الزوج الصالح)، لا سيما مع ما ذكرت من توفيق الله لك بالدراسة في كلية الهندسة، الأمر الذي له الأثر الكبير في تنمية ثقافتك وبناء مستقبلك ورغبة الأزواج أهل الصلاح والعقل في مثلك -بإذن الله تعالى- لا أهل الفسوق والمعاصي، في حال حرم كثير من الناس من هذه النعمة.

وهذا لا يمنع - والله أعلم سلمك الله - من أن تكوني مبتلاة بالعين أو السحر، لا أقول هذا جازما ولا أحب لك الوسوسة فيه، لكن قد تؤشر عليه قرائن فيما ذكره الشيخ سابقا فيك قبل معافاتك منه, ومن خلال ما ذكرتيه من تبادل النظرات المقلقة وتغير ملامح كل من الخاطب أو المخطوب. مما يلزم معه وتتأكد عبادة الدعاء وقراءة القرآن والذكر والرقية.

أسأل الله أن يشفيك ويسلمك ويعافيك من كل سوء ومكروه, وأن يثبتك على ما أنت عليه من دين وخير، ويرزقك العلم النافع والعمل الصالح والزوج الصالح والرفيق الناصح، والشكر على النعماء والصبر على البلاء والرضا بالقضاء، ويوفقنا وإياك لما يحب تعالى ويرضى.

والله الموفق والمعين.

www.islamweb.net