كيف أكون مجتهدا وناجحا ولا أتهرب من المذاكرة؟!

2018-06-05 02:19:39 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أنا طالب في آخر سنة طب بشري، رسبت كثيرا حتى وصلت إلى آخر سنة، مشكلتي في المذاكرة، فكلما أذاكر أحس بضيق، وكتمة، ورغبة في البكاء، نفسيتي محطمة جدا، وأشعر أنني فاشل.

لم أعد أتلذذ بشيء، فقدت المشاعر لأي شيء، أحس أنني أصبحت كالحيوانات، صار عندي فنون في تضييع الوقت، والهروب من المذاكرة ومن المشاكل التي أواجهها، وصرت أستحي من نفسي أمام المجتمع، وكنت قبل ذلك مجتهدا وأحب المذاكرة، أما الآن فلا، ولست راضيا عن حياتي أبداً، وأحب أن أكون ناجحا.

أسكن لوحدي، لا أحد يرفع من معنوياتي، لدي طموح، وأحب أن أغير من حياتي، لكن عند وقت التطبيق أو العمل ألغي كل شيء فعلته، وأتهرب (طلعات، اجتماعات، غيرها).

"أريد العودة مثلما كنت في السابق، وأرغب أن أكون مجتهدا وناجحا، وصاحب طموح، ولا أتهرب من المذاكرة"، فكيف السبيل لذلك؟

أفيدوني مع الشكر.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Fahad حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أهلا بك -يا دكتور- في موقعك إسلام ويب، وإنه ليسرنا تواصلك معنا في أي وقت، ونسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به.

أخي الفاضل: إننا نحمد الله إليك أن وصلت إلى هذا المستوى، فليس عسيرا أن يصل أي أحد إلى السنة النهائية في كلية الطب، ومع تفهمنا لمرات الرسوب التي أثقلت كاهلك، وكذلك الحمل الثقيل تجاه المذاكرة، إلا أن هذا لا يلغى الحقيقة القائمة: أنت في آخر حلقة من حلقات دراستك، وهذا معناه أن خطوة واحدة للأمام وتصير مسؤولا عن أرواح الناس، تداوي عللهم وترطب نفوسهم، وتصحح أسقامهم، ويا لها من مهنة عظيمة إذا كانت مقرونة بنية صالحة.

أخي الكريم: ليست مشكلتك في الذكاء، ولا في الفهم، ولا في التحصيل، ولا في الوقت اللازم للمذاكرة، وإنما مشكلتك تتمحور في هروبك من الواجب عليك إلى تضييع وقتك، أو -كما عبرت- عنها بقولك (صار عندي فنون في تضيع الوقت والهروب من المذاكرة).

أصبحت المذاكرة عبئا ثقيلا عليك؛ ولذلك تحاول الهروب منه إلى من لا يعي معنى الوقت، ولا يفهم قيمته، وإذا تحسست أصحابك جيدا ستجدهم على نفس الشاكلة؛ إذ الإنسان المجد لا يجد فراغا كبيرا للهو -يا أخي-.

المشكلة الثانية تكمن في قلة المعينين لك على الجد والاجتهاد، فأنت إذا نويت تضييع الأوقات وجدت من أصحاب اللهو من يعينك على ذلك، لكنك متى ما أردت الاستقامة والمذاكرة لم تجد معينا؛ فيصيبك اليأس والإحباط، وتحاول الهروب من ذلك إلى أصحابك السابقين.

أخي الكريم: إذا أردت أن تغير الوضع القائم -وأنت بلا شك قادر عليه- فعليك بما يلي:

1- البحث عن السكينة القلبية، وذلك لا يكون إلا بطاعة الله والاستقامة، ارحل سريعا إلى الله -عز وجل-، وابدأ بمحاسبة نفسك، وانظر إلى تقصيرها، وتذكر أن الهموم والغموم والمشاكل أكثرها من الداخل -من القلب- والله يقول (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).

2- لا بد من تغير الصورة النمطية المغلوطة التي وضعها الشيطان في نفسك عن المذاكرة، وعدم قدرتك على التحصيل، ردد بداخلك دائما: "أنا قادر، أنا أستطيع، الأمور سهلة لكن تحتاج إلى جهد وأنا قادر على هذا الجهد" هذا الكلام ردده حتى بصوت عال لا حرج؛ لأن هذا سيغير ما ترسب في اللاوعي عندك.

3- ابحث عن بعض المعينات لك عند المذاكرة، كمصاحبة بعض الشباب المجديين، أو الاستعانة بوسائل العصر الحديثة (الإنترنت، الأفلام التي تتحدث عن العمليات الجراحية الدقيقة مثلا)، المهم نوع في مصادر اكتساب المعلومة.

4- اجتهد في عملية التقليل من أصحاب الماضي، على أن تستبدل مكانهم أنشط وأفهم وأعون لك، هذه من الأمور الهامة -يا أخي-.

5- قسم المواد تقسيما طبيعيا واقعيا تراعي فيه قدراتك والوقت المتاح لك، على ألا تجعل المذاكرة تستمر لمدة ساعتين متواصلتين، اجعل بين كل فترتين وقتا للترفيه، سواء بممارسة رياضة سريعة، أو التحدث مع الأهل أو الأصحاب أو الاستراحة القليلة، المهم أن تحدد وقت الترفية وأن تلتزم به.

6- أهم عوامل النجاح الاستمرار؛ ولذلك لا تبدأ بقوة. اجعل الأمور تسير في طبيعتها دون ضغط زائد.

7- وأخيرا: نوصيك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء؛ فإن الأذكار حصن يتحصن به المسلم.

الآن من فورك -يا دكتور- قم وانهض، فأمامك مستقبل باهر، وينتظر تخرجك أهلك وكذلك المرضى والمحتاجون، فاستعن بالله وانهض، ونحن على ثقة من تجاوزك تلك العثرات بأمر الله.

وفقك الله وسدد خطاك، والله الموفق.

www.islamweb.net