الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إزالة شبهة عن قوله تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون)

السؤال

يقول بعض المشككين في القرآن: إن هناك أخطاء نحوية في القرآن مثلا: في سورة المائدة الآية 69 كلمة الصابئون خطأ نحوي، والصحيح الصابئين. وذكرت في نفس السياق في سورة الحج آية 17 الصابئين؟
أرجو الإجابة الشافية؟ هل هناك كتب ترد على مثل هذه المسائل؟ وما اسمها؟ وأين أجدها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:

الزعم بوجود أخطاء لغوية زعم متهافت مردود على صاحبه الذي قلت بضاعته من العلم وقل فهمه، فإنه من المعلوم أن الله تعالى قد تحدى قريشاً والعرب المعاندين للإسلام بأن يأتوا بمثله أو سورة أو عشر سور مثله.

ومع تحدي القرآن للعرب ووجود الدافع منهم للمعارضة والنقض والتشنيع، وانتفاء المانع ببلوغهم ذروة الفصاحة والبيان لم ينقل عن أحد منهم هذا الزعم الباطل، بل غاية ما قالوا هذا سحر مفترى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا {الفرقان: 4}.

وقد أبان أهل العلم عن هذه الآية التي أشكلت على من قلت بضاعتهم في اللغة، لأن جهابذة العرب زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعده ما أثاروا هذا، فقالوا: إن قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى {المائدة: 69}.

قال القرطبي: قال الخليل وسيبويه: الرفع محمول على التقديم والتأخير والتقدير: إن الذين آمنوا والذين هادوا من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والصابئون والنصارى كذلك.

وأنشد سيبويه وهو نظيره:
وإلاّ فاعلموا أَنَّا وأنتم بُغَاةٌ ما بَقِيْنَا في شِقَاقِ

وقال ضَابِىء البُرْجُمي:

فمن يكُ أمسى بالمدينةِ رَحْلُه فإنّي وَقَيَّارٌ بِها لَغَريبُ

وقيل: «إنّ» بمعنى «نَعَم» فالصابئون مرتفع بالابتداء، وحذف الخبر لدلالة الثاني عليه، فالعطف يكون على هذا التقدير بعد تمام الكلام وانقضاء الاسم والخبر.

وقال قيس الرقيات:

بَكرَ العواذِلُ في الصَّبا حِ يَلُمْنَني وأَلُومُهُنَّهْ

ويَقُلْنَ شَيْبٌ قد عَلاَ كَ وقد كبِرت فقلت إنّهْ

قال الأخفش: «إنَّه» بمعنى «نَعَم»، وهذه «الهاء» أدخلت للسكت. اهـ.

ومما تقدم يتبين لك -أيها السائل الكريم- جور هذه الشبهات وتهافتها، وبالجملة فيمكنك مراجعة كتب التفسير، وكتب إعراب القرآن عند هذه الآيات ففيها كفاية لمن أراد معرفة الحق والوقوف عنده.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني