الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الفتاة التي لا تخرج للعمل تكون متسببة في تأخر زواجها؟

السؤال

لديَّ سؤال يؤرقني، فأرجو الإفادة، جزاكم الله خيرا. أنا فتاة تخرجت من الجامعة من حوالي عامين، وأسرتي علاقاتهم الاجتماعية قليلة جدا، وكذلك أنا لا أخرج كثيرا، يقول لي الكثيرون: إنه يجب أن أخرج للعمل، أو أن أكمل دراسات عليا، طبعا مع الالتزام بالزي الشرعي، وأسلوب التعامل الذي لا يخالف الدين، من أجل أن يراني عريس؛ لأني كما وضحت لا أخرج إلا نادرا، وعلاقاتنا الاجتماعية قليلة، ولكني خجولة، لديَّ شيء من الخجل الاجتماعي.
فالمواقف الاجتماعية تشكل ضغطا نفسيا عليَّ، أعرف أتعامل جيدا، لكن في داخلي تكون هذه المواقف صعبة عليّ، وأكون مضغوطة، فلا أريد أن أعمل، وأيضا صعب عليّ أن أكمل الدراسة حاليا.
وسؤالي: هل إذا بقيت كما أنا، ولم أعمل، أو أدرس أكون أنا السبب في تأخر زواجي؟ من باب أن الزواج رزق، وأنا بهذا لا أسعى له. ولا آخذ بالأسباب، والمفروض أني أضغط على نفسي.
أصبح هذا الموضوع يؤرقني. هل يمكن أن يرزقني الله تعالى إذا بقيت على حالي هذا؟ أم أن الله سيغضب عليّ؛ لأني لا آخذ بالأسباب؟
أرجو الإفادة. أفادكم الله، وشكرا جزيلا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا شك في أن الزواج من أمور الرزق المقدرة من الله سبحانه لبني آدم؛ ذكورهم وإناثهم، فهو داخل في عموم قوله تعالى: وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا {الأحزاب:38}، وقال سبحانه: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا {هود:6}. ولذلك فسيأتي كل واحد ما كتب له منه.

وقد جاءت النصوص دالة على مشروعية الزواج، وبيّن أهل العلم أن أحكامه تختلف باختلاف الأحوال، وسبق بيان ذلك في الفتوى 241732.

والمرأة في هذه الأحكام كالرجل، ولكن لما كان الغالب في المرأة الحياء، وأنها تكون مطلوبة لا طالبة، لم يكن عليها البحث عن الأزواج، ولكن لا تمتنع عن الزواج إذا تقدّم لها الأكفاء، وينبغي أن تبادر للموافقة وقبول الكفء المتقدم لها؛ لأن الزواج من أمور الخير، ومتضمن لكثير من مصالح الدنيا والآخرة، كما بينا في الفتوى: 414163.

والمرأة ليست مأمورة شرعا بأن تخرج من بيتها للعمل، أو الدراسة، وغير ذلك؛ ليراها الرجال، فيخطبوها، بل الأصل في المرأة قرارها في بيتها، وعدم الخروج منه لغير حاجة.

وإذا تأخر الزواج بسبب عدم خروجها؛ فلا مؤاخذة عليها في ذلك، وعدم الخروج قد لا يكون سببا لتأخر زواجها، كما أن الخروج قد لا يجلب لها الخطاب. ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى: 436408.

ونختم بالتأكيد على أن الزواج من الرزق، وأنك ستوفقين إلى ما قدره الله لك، ولو لم تبذلي سببا، ولا إثم عليك إن لم تأتي بالأسباب، هذا مع العلم بأن المرأة يجوز لها شرعا البحث عن من ترغب في زواجه منها من الصالحين بشرط أن تراعي الضوابط الشرعية، كما هو مبين في الفتوى: 18430.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني