الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6147 - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : ضمني النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى صدره فقال : " اللهم علمه الحكمة " . وفي رواية : " علمه الكتاب " . رواه البخاري .

التالي السابق


6147 - ( وعن ابن عباس قال : ضمني ) : بتشديد الميم أي أخذني ( النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى صدره ) : إيماء إلى أنه منبع العلم ومعدن الحكم ( فقال : " اللهم علمه الحكمة " ) ، أي : إتقان العلم والعمل . قال تعالى : يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وليس المراد بها حكمة الفلاسفة ، ففي النهاية : الحكمة عبارة عن معرفة الفضلاء الأشياء بأفضل العلوم ، والحكيم الذي يحكم الأشياء ويتقنها ، وفي فتح الباري : واختلف في المراد بالحكمة ها هنا فقيل : الإصابة في القول ، وقيل : الفهم عن الله ، وقيل : ما يشهد العقل بصحته ، وقيل : نور يفرق بينه وبين الإلهام والوسواس ، وقيل : سرعة الجواب ، وقيل : غير ذلك . قلت : لا منع من الجمع شعر :

عبارتنا شتى وحسنك واحد كل إلى ذاك الجمال يشير .

[ ص: 3972 ] ( وفي رواية : علمه الكتاب ) ، أي : علمه ما يتعلق به من سائر العلوم الشرعية وحكي عن ابن عباس أنه قال :


جميع العلم في القرآن لكن تقاصر عنه أفهام الرجال



وهذه الرواية تؤيد قول من فسر الحكمة بعلم الكتاب ، ولذا يقال لابن عباس ترجمان الكتاب ، وقال الطيبي : الظاهر أن يراد بالحكمة السنة . قال تعالى : ويعلمهم الكتاب والحكمة قلت : الأظهر أن يراد بالكتاب لفظه وقراءته ، وبالحكمة معرفة أحكامه وتبيين آياته ، فإنه - رضي الله عنه - كان مشهورا بالعلمين ، أعني القراءة والتفسير على أن تفسير الحكمة بالسنة في الآية لوقوعها عطفا على الكتاب ، والأصل التغاير في العطف ، لكن سيأتي أنه دعا له بالفقه أيضا ، وهو العلم بالكتاب والسنة أصولا وفروعا ، فهو جامع العلوم - رضي الله عنه - . قال المؤلف : ولد قبل الهجرة بثلاث سنين ، وتوفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، وقيل : خمس عشرة سنة ، وقيل : عشر ، كان حبر هذه الأمة وعالمها ، دعا له - صلى الله عليه وسلم - بالحكمة والفقه والتأويل ، ورأى جبريل - عليه السلام - مرتين ، وكف بصره في آخر عمره ، ومات بالطائف سنة ثمان وستين في أيام ابن الزبير ، وهو ابن إحدى وسبعين سنة ، روى عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين . ( رواه البخاري ) .




الخدمات العلمية