الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 35 - 36 ] ( ولا يطول الإمام بهم الصلاة ) لقوله عليه الصلاة والسلام { من أم قوما فليصل بهم صلاة أضعفهم ، فإن فيهم المريض والكبير وذا الحاجة }.

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الرابع والستون : قال عليه السلام : { من أم قوما ، فليصل بهم صلاة أضعفهم ، فإن فيهم المريض ، والكبير ، وذا الحاجة } ، قلت : رواه البخاري ومسلم من حديث الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا صلى أحدكم للناس ، فليخفف ، فإن فيهم الضعيف ، والسقيم ، والكبير ، وإذا صلى لنفسه ، فليطول ما شاء }انتهى .

                                                                                                        وفي لفظ لمسلم : " والمريض " ، وفي لفظ لمسلم : { الصغير . والكبير . والضعيف ، والمريض ، وذا الحاجة }.

                                                                                                        [ ص: 37 ] حديث آخر } : أخرجه البخاري . ومسلم أيضا عن أبي مسعود الأنصاري ، قال : { جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني لا أكاد أدرك الصلاة مما يطول بنا فلان ، قال : فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في موعظة أشد غضبا من يومئذ ، فقال : أيها الناس إن منكم منفرين ، من صلى بالناس ، فليخفف ، فإن فيهم : الكبير ، والضعيف ، وذا الحاجة }انتهى . زاد في لفظ للبخاري : " والمريض " .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه البخاري ومسلم عن { أنس ، قال : ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ، ولا أتم من رسول الله صلى الله عليه وسلم } ، وفي لفظ مسلم : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخف الناس في تمام }انتهى .

                                                                                                        وروى مسلم عن عثمان بن أبي العاص ، قال : { آخر ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أممت قوما فأخف بهم الصلاة }. انتهى .

                                                                                                        وفي لفظ له : { أم قومك ، فمن أم قوما فليخفف ، فإن فيهم الكبير ، وإن فيهم الضعيف ، وإن فيهم المريض ، وإن فيهم ذا الحاجة ، وإذا صلى أحدكم وحده ، فليصل كيف شاء }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : " حديث معاذ " أخرجه البخاري . ومسلم عن جابر ، قال : { صلى معاذ لأصحابه العشاء ، فطول عليهم ، فانصرف رجل منا ، فصلى ، فأخبر معاذ عنه ، فقال : إنه منافق ، فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما قال ، فقال له عليه السلام : أتريد أن تكون فتانا يا معاذ ؟ إذا أممت بالناس ، فاقرأ بالشمس وضحاها و { سبح اسم ربك الأعلى }. و { اقرأ باسم ربك }. { والليل إذا يغشى } }. انتهى .

                                                                                                        وفي لفظ لمسلم : { أن معاذا افتتح بسورة البقرة ، فانصرف الرجل } ، الحديث . وفي لفظ له : { فافتتح بسورة البقرة ، فانحرف رجل ، فسلم ، ثم صلى وحده ، وانصرف } ، الحديث ، هكذا روايات الصحيحين إن هذه القصة كانت في صلاة العشاء ووقع عند أبي داود أنها كانت المغرب أخرجه عن حزم بن أبي بن كعب أنه { أتى معاذ بن جبل ، وهو يصلي بقوم صلاة المغرب ، في هذا الخبر ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معاذ لا تكن فتانا ، فإنه يصلي وراءك الكبير . والضعيف . وذو الحاجة . والمسافر }. انتهى .

                                                                                                        ووقع في " مسند أحمد " [ ص: 38 ] أن السورة كانت { اقتربت الساعة } ، والمشهور في " الصحيحين وغيرهما " أنها كانت " البقرة " ، قال النووي في " الخلاصة " : فيجمع بين الروايات بأنهما قصتان لشخصين ، فإن الرجل الذي جاء ، قيل فيه : حزم ، وقيل فيه : حازم ، وقيل : حزام ، وقيل : سليم ، فعلل ذلك كان في واحدة ، لأن معاذا لا يفعله بعد النهي ، ويبعد أن ينساه ، ورد البيهقي رواية " المغرب " ، وقال : إن روايات " العشاء " أصح ، وهو كما قال . لكن الجمع أولى ، ولعله قرأ " البقرة " في ركعة ، فانصرف رجل ، ثم قرأ { اقتربت }في الركعة الأخرى ، فانصرف آخر ، وأما رواية مسلم : أنه سلم ، ثم صلى وحده ، فأشار البيهقي إلى أنها شاذة ضعيفة ، فقال : لا أدري ، هل حفظت هذه الزيادة أم لا ؟ لكثرة من رواه عن سفيان بدونها ، وانفرد بها عنه محمد بن عباد . انتهى وروى النسائي في " التفسير " حديث معاذ ، وسمى الرجل : حراما " أعني المنصرف " .




                                                                                                        الخدمات العلمية