الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              3530 [ 1372 ] وعن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه" .

                                                                                              رواه أحمد ( 1 \ 25 )، والبخاري (1)، ومسلم (1907)، وأبو داود (2201)، والترمذي (1647)، والنسائي (1 \ 59 - 60).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله : ( إنما الأعمال بالنيات ) ; أي : الأعمال المتقرب بها إلى الله تعالى ، بدليل بقية الحديث . وهذا الحديث بحكم عمومه يتناول جميع أعمال الطاعات ، فيدخل في ذلك الوضوء ، والغسل ، وغير ذلك . فيكون حجة على من خالف في ذلك ، كما تقدم في الطهارة . ووجه التمسك به : أنه عموم مؤكد بـ (إنما) الحاصرة ، فصار في القوة كقوله : لا عمل إلا بنية ، فصار ظاهرا في نفي الإجزاء والاعتداد بعمل لا نية له . ولا يقال : فهو مخصص بدليل إخراج العبادات المعقولة المعنى ، كغسل الجنابة وما في معناها ; لأنا نقول : اللفظ العام محمول على عمومه بعد إخراج المخصص ، كما قد تقدم غير ما مرة .

                                                                                              وقوله : ( وإنما لامرئ ما نوى ) ; تحقيق لاشتراط النية ، والإخلاص في الأعمال. وقد زاده وضوحا قوله : ( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ) ; أي : كانت هجرته مقبولة عند الله تعالى ، وثوابها عليه ، ( ومن [ ص: 745 ] كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة يتزوجها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه ) ; أي : ليس له من هجرته إلا ما قصده . وهذا كما قال في الحديث الآخر : (من أتى المسجد لشيء فهو حظه) . وإنما ذكرت في الحديث الهجرة ; لأنه جرى سببها ، وذلك : أن رجلا هاجر إلى المدينة ليتزوج امرأة بها ، تسمى : أم قيس ، فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكر الحديث ، وسمي الرجل : مهاجر أم قيس . على ما ذكر أئمتنا . وظاهر حال هذا الرجل بسبب هذه الإضافة التي غلبت على اسمه أنه لم تكن له في الهجرة الشرعية رغبة ، ولا نية فسلبها ، ونسب إلى ما نواه ، وقصده . والله تعالى أعلم .




                                                                                              الخدمات العلمية