الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
942 - " ارحموا؛ ترحموا؛ واغفروا؛ يغفر لكم؛ ويل لأقماع القول؛ ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون " ؛ (حم خد هب)؛ عن ابن عمرو ؛ (صح).

التالي السابق


(ارحموا؛ ترحموا) ؛ لأن الرحمة من صفات الحق؛ التي شمل بها عباده؛ فلذا كانت أعلاما اتصف بها البشر؛ فندب إليها الشارع في كل شيء؛ حتى في قتال الكفار؛ والذبح؛ وإقامة الحجج؛ وغير ذلك؛ (واغفروا؛ يغفر لكم) ؛ لأنه - سبحانه وتعالى - يحب أسماءه وصفاته التي منها الرحمة والعفو؛ ويحب من خلقه من تخلق بها؛ (ويل لأقماع القول) ؛ أي: شدة هلكة لمن لا يعي أوامر الشرع؛ ولم يتأدب بآدابه؛ و" الأقماع" ؛ بفتح الهمزة؛ جمع " قمع" ؛ بكسر القاف؛ وفتح الميم؛ وتسكن: الإناء الذي يجعل في رأس الظرف؛ ليملأ بالمائع؛ شبه استماع الذين يستمعون القول؛ ولا يعونه؛ ولا يعملون به؛ بالأقماع التي لا تعي شيئا مما يفرغ فيها؛ فكأنه يمر عليها مجتازا؛ كما يمر الشراب في القمع؛ كذلك قال الزمخشري : من المجاز: " ويل لأقماع القول" ؛ وهم الذين يستمعون؛ ولا يعون؛ انتهى؛ (ويل للمصرين) ؛ على الذنوب؛ أي: العازمين [ ص: 475 ] على المداومة عليها؛ (الذين يصرون على ما فعلوا) ؛ يقيمون عليها؛ فلم يتوبوا؛ ولم يستغفروا؛ (وهم يعلمون) ؛ حال؛ أي: يصرون في حال علمهم بأن ما فعلوه معصية؛ أو يعلمون بأن الإصرار أعظم من الذنب؛ أو يعلمون بأنه يعاقب على الذنب.

(حم خد هب؛ عن ابن عمرو ) ؛ ابن العاص؛ قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول على منبره ذلك؛ قال الزين العراقي كالمنذري: إسناده جيد؛ وقال الهيتمي: رجال أحمد رجال الصحيح؛ غير حبان بن زيد الشرعبي؛ وثقه ابن حبان ؛ ورواه الطبراني كذلك؛ انتهى؛ والمصنف رمز لصحته وفيه ما ترى.



الخدمات العلمية