الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

آلام في صدري وخوف من مرض القلب، طمئنوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

منذ فترة أعاني ألما في صدري، وكان شديدا، وعمري 19 سنة، وقمت بعمل كافة الفحوصات مثل تخطيط القلب، وصورة الإيكو للقلب، وكلها سليمة، قال لي الطبيب: إنها من العضلات فقط. ولكني أشعر بآلام من الجهة اليسرى فقط، وتكون آلاما ليست شديدة، ولكن تسبب لي القلق والتوتر والخوف، ودائما أضع احتمالات سيئة، ووصفي للوجع كالتالي:
يبدأ من الحلق إلى منتصف بطني من الجهة اليسرى، كما أشعر بمضايقة في أذني اليسرى، شيء يشبه الحرقة، ودائما أشعر بأني بحاجة لاستفراغ هواء من معدتي، ولكن لا يخرج شيء. فما الذي أشكو منه؟ مللت من الذهاب إلى الأطباء وسماع كلمة: (ليس فيك شيء، اذهب إلى البيت).

أنا هذه الفترة كنت قليل الحركة (تقريبا أمشي 2 كيلو يوميا فقط)، طولي 158، ووزني 68، وأشعر أحيانا بأن نبضاتي قليلة، وأشعر بارتخاء بالجهة اليسرى من صدري عند أخذ نفس، وغالبا الألم يزيد عند لمس منطقة الصدر، أو أخذ نفس عميق، وكما أني أشعر بقلق شديد إذا زرت مريضا، خاصة أنه في الفترة الأخيرة ألازم جدي في المستشفى، وهو مصاب بسكتة دماغية.

فكري مشغول بالاحتمالات السيئة، أمارس أحيانا تمارين الارتخاء، وأشعر بتحسن قليل، ولكن -يا دكتور- أريد منك شيئا، ما هي نصائحك للوقاية من مثل هذه الأمراض والتغلب على هذه المخاوف؟

علما أن طبيبا وصف لي مهدئا، ولكن أخذت بضع حبات منه وتركته؛ لأني أشعر أني لست بحاجة له، ولكن ما ينقصني هو الرأي العلمي لسبب حدوث هذه الأمراض مع الإنسان، كما أن آخر مرة وصف لي طبيب عقار (السيلوا كوكسيب) ولكني أخذت جرعتين منه وتركته؛ لأني قرأت أن الدواء يزيد من احتمالات الإصابة بأمراض القلب والدم، وما رأيكم لما يحدث معي؟

علما أني مدخن (10 سجائر يوميا كحد أقصى).

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكر لك التواصل مع إسلام ويب.
الرأي العلمي الذي يُفسِّر أعراضك هذه هي أنها ناتجة من القلق، والقلق النفسي ليس من الضروري أن يكون ظاهرًا في شكل توتُّرٍ أو انفعالٍ أو تسارعٍ في ضربات القلب، القلق كثيرًا ما يكون قلقًا مُقنعًا، ويظهر في شكل أعراض جسدية، ويُعرف أن التوترات النفسية الداخلية تتحوَّلُ إلى توترات عضلية، والأمر كله قد يكون على مستوى العقل الباطني وليس العقل الظاهري.

وجد العلماء أن الجزء الأيسر من جسم الإنسان يتأثر أكثر، وهذا السبب غير معروف، لكن أحد التفسيرات التي أراها معقولة جدًّا وقرأتُ عنها كثيرًا هي: أن الناس تعتقد أن القلب في الجهة اليُسرى من الصدر، والقلب هو مركز الحياة، وبما أن أمراض القلب قد كثُرتْ والسكتات القلبية أيضًا كثُرتْ، والناس تموت كثيرًا بالذبحات القلبية، هذا أدَّى إلى هموم وتراكماتٍ في أنفس الناس؛ ممَّا أدَّى إلى ظهور تقلصات في الجزء الأيسر من الجسم عامَّة، ومنطقة الصدر خاصَّةً، لكن عدم الارتياح هذا قد يشمل المعدة، قد يشمل الرقبة، (إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمَّى) وهذا كله يؤدي إلى تخوف من الأمراض.

فيا أخِي الكريم: أرى أن هذا هو التفسير لحالتك، حالتك حالة قلقية وليس أكثر من ذلك.

الذي أنصح به هو تجاهل هذه الأعراض، ولا تكن شديد الملاحظة ودقيقًا في التركيز على وظائفك الفسيولوجية، وأنت في هذا العمر يجب أن تتريَّض، نعم أنت -جزاك الله خيرًا- الآن تُمارض جدَّك في المستشفى، لكن تحيَّن أي فرص للمشي، أي نوع من الرياضة الإحمائية، هذا يُساعدك كثيرًا، ويجعلك تحسُّ بأنك في وضعٍ صحي سليم.

تمارين الاسترخاء أيضًا وجدتْ مفيدة جدًّا للتخلص من هذه الأعراض، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن ترجع إليها وتطبق التمارين التي أوردنا تفاصيلها في هذه الاستشارة، فهي مفيدة، خاصة إذا داوم الإنسان عليها.

وبصفة عامة حاول أن تنام مبكرًا، النوم المبكر أيضًا فيه فائدة كبيرة جدًّا لك، ولا توسوس حول الأمر، واسأل الله تعالى أن يحفظك، احرص على صلاتك وعلى أذكار الصباح والمساء، هي واقعية جدًّا وتزيل عنك الهموم والانشغال بأنك مُصاب بشيء سيئ.

كن بارًا بوالديك -وأحسبُك كذلك جزاك الله خيرًا- وفكّر في مستقبلك ودراستك؛ لأن الإنسان حين يشغل نفسه بمثل هذه الأعراض -التي تشتكي منها أنت- هذا يأخذ حيِّزًا كبيرًا جدًّا من الفكر والتركيز، وهذا لا يُفيد قطعًا، صرف الانتباه له فائدتان: الفائدة الأولى: هي أن الأعراض سوف تقل، والفائدة الثانية: هو أنك سوف تبني وتستثمر وقتك بصورة إيجابية وجيدة تفيدك.

بالنسبة للعلاج الدوائي: لا أرى هناك أهمية كبيرة للأدوية، لكن كثيرًا ما تستعمل مضادات القلق البسيطة ولفترة بسيطة، عقار (ديناكسيت Denaxit) تناوله بجرعة حبة واحدة يوميًا لمدة شهرين، هذا من الأدوية الجيدة.

البديل له عقار يعرف تجاريًا باسم (دوجماتيل Dogmatil) ويعرف علميًا باسم (سلبرايد Sulipride) تناوله بجرعة كبسولة واحدة (خمسين مليجرامًا) يوميًا لمدة شهرين، أيضًا مفيد جدًّا. بخلاف ذلك أنت لست في حاجة لأي علاج دوائي.

أيهَا الفاضل الكريم: التدخين يجب أن تتوقف عنه، لأنك تعرف مضار التدخين، تعرف أنه يؤثِّر على القلب وعلى الأوعية الدموية، وعلى شرايين الدماغ، والتوقف عنه أعتقد أنه سوف يعطيك المزيد من الثقة في نفسك، وأن تشعر أنك بالفعل تعيش حياة صحية، وأنك قد تغلبت على هوى النفس، وهذا له مردود نفسي عظيم عليك، مردود إيجابي سوف يجعلك بالفعل تكون قادرًا على اتخاذ قرارات راشدة أخرى تُساعدك في تدبير حياتك، وأن تعيش حياة صحية طيبة.

أخي الكريم: أرجو أن تأخذ بكل ما ذكرته لك كجزئيات مكمَّلة لبعضها البعض، فالعلاج السليم والوقاية السليمة من الأمراض تقوم على هذا الأساس، أي أن نأخذ المنحى النفسي والإرشادي والوقائي والدوائي والطبي والاجتماعي، خذها مكتملة، وإن شاء الله تعالى تكون نافعة لك، وأشكرك كثيرًا على الثقة في إسلام ويب، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً