الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الوهن وعدم القدرة على تحقيق النجاح.

السؤال

السلام عليكم.

د. محمد عبد العليم.

أنا أعاني من:
1. الوهن الشديد: وكأن العقل قد فصلت عنه الكهرباء، ميت، وعضلات جسدي مسممة، وكذلك منطقة أعلى الرقبة أو أسفل الجزء الخلفي من الرأس، وغالبا يكون حال حصول إخفاق أو مشكلة خارج السيطرة، ولكن لا أستطيع دفع هذا الوهن، وقد يستمر لأسابيع أو عدة ساعات.

2. مقاومة النجاح: فكيف يمكن للإنسان أن يصدق أنه يمكن أن ينجح؟

3. السيولة في الفعل: اضمحلال الحلم، وظهور الطيش والخرق، وكأن أفعالي تصدر دون رقابة من العقل، كأنني مخدر مستجيب لنوازع النفس دون ضابط، ثم الندم الشديد، وعدم تصور كيف يمكن للإنسان أن يقوم بأفعال قذرة أو مضرة هكذا؟ مثال: مشاهدة فاسدة أو كثرة الأكل.

4. المخالفة: عندما يأمرني أحد بشيء لا أراه صحيحا أفعل نقيضه -وهو شيء غير صحيح أيضا- كرد فعل مؤقت جدا، فما هذا؟ ثم كيف يمكن لي التخلص منه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالوهن الشديد هو شعور، وقد يكون مرضيًا وقد يكون غير مرضي، وإذا كان مرضيًا ناتجًا من مرضٍ عضوي مثلاً – مثل فقر الدم وخلافه – فهذا يُعالج بهذه الكيفية، أما إذا لم يُوجد أي مرض عضوي، وكان هذا الأمر اعتقادًا فقط؛ ففي هذه الحالة يعرف الإنسان أنه ذو إرادة حُرَّة جدًّا بأن يُخرج نفسه من هذا الذي هو فيه، ويُحمِّل نفسه المسؤولية حيال نفسه، ولا تحكم على نفسك بمشاعرك ولا بأفكارك، إنما بأفعالك. هذه هي الكيفية.

الإنسان يُصدِّق أنه ينجح من خلال أفعاله أيضًا، ولا ينساق لأفكاره، ومن أهم الأشياء حقيقة أن يكون الإنسان حسن التوقعات وإيجابي التوقعات، وأن يتصنّع النجاح حتى ينجح، وهذا ليس خداعًا للنفس. توقُّعاتنا حقيقة هي التي تقودنا لأن ننجح أو لأن نفشل.

هناك تجربة علمية مهمَّة جدًّا وجدتْ في إفريقيا: في بعض الدول الإفريقية يُعامل الطفل الذي وُلد يوم الاثنين على أنه طفل سعيد، ويُعامل الطفل الذي وُلد يوم الأربعاء على أنه طفل شقي، هذا معتقد، أجرتْ مجموعة من العلماء المتميزين في جامعة (ماكريني) في أوغندا متابعة تامة للأطفال الذين وُلدوا يوم الاثنين وللأطفال الذين وُلدوا يوم الأربعاء، وتابعتهم هذه المجموعة لسنوات حتى تخرَّجوا من الجامعات، وفيهم مَن تزوّج، وفيهم من انحرف – وهكذا -، وُجدتْ وبصورة جليَّةٍ جدًّا أن الذين وُلدوا يوم الاثنين كانت إنجازاتهم أفضل، كانت مهاراتهم أكبر، وكانت حياتهم فعّالة جدًّا، وعكسهم تمامًا الذين وُلدوا يوم الأربعاء، كانت لديهم الكثير من الصعوبات، والتعثُّر الأكاديمي، وعدم الإنجاز، والدخول في عالم الجريمة، وكان التفسير هو: أن الذي وُلد في يوم الاثنين مُنذ أن وُلد كانت توقعات الأسرة حوله إيجابية وعُومل على هذا الأساس، وذاك الذي وُلد يوم الأربعاء عُومل على أنه شقي وتمَّ التعامل معه على هذا الأساس.

فإذًا توقُّعاتنا هي التي تُقرِّر في كثير من الأحيان مستوى النجاح والفشل.

بالنسبة لسؤالك الثالث: الإنسان الذي في كامل عقله مسؤول عن تصرفاته، ويجب أن يعلم ذلك، والذي لا يعلم - أو لا يُدرك - لا يُدرك أنه لا يُدرك، هذا أمرٌ مهمٌّ جدًّا، ويجب تجنُّب النكران والتبرير لإسقاط مسؤولياتنا عن أفعالنا، وهذا أيضًا ينطبق على السؤال الرابع من استشارتك، المخالفة أو القيام بعمل الضدِّ هذا في بعض الأحيان نُشاهده لدى الذين يُعانون من اضطرابٍ في الشخصية، وأيضًا يُعالج بأن يحمِّل الإنسان نفسه مسؤوليته حيال نفسه، ويعرف أن هذا خطأ وهذا صواب، وهذا حقٌّ وهذا باطلٌ، وهذا حرام وهذا حلال، وهكذا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً