الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صفة العالم الذي يؤخذ منه العلم

السؤال

سؤالي عن العلماء: من هم العلماء الذين يمكن أن نسألهم ونأخذ العلم منهم والفتوى؟ فقد كثر الحديث عن العلماء حتى إنه لا يكاد يوجد عالم إلا وقد طعن فيه، وهل يشترط في العالم أن يكون معروفا ومشهورا وأن تتم تزكيته من العلماء الآخرين؟ ومن هم؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيحسن بنا أن ننقل لك جواب العلامة ابن عثيمين ـ رحمة الله ـ فقد قيل له: حصل لبس وخلط عند بعض الشباب في تحديد من هو العالم، فنتج عن ذلك أن وضع من ليس بعالم مثل زاهد أو عابد أو واعظ في مصافِّ العلماء، فجعلوه مصدراً للتلقي والتوجيه والتعليم وما إلى ذلك، فنريد من فضيلتكم تحديد من هو العالم وصفته وجزاكم الله خيراً؟ فأجاب: العالم عرفه ابن القيم ـ رحمه الله ـ في تعريف جامع فقال:
العلم معرفة الهدى بدليله ما ذاك والتقليد يستويان ـ فالعالم هو الذي يعرف العلم الحق بالدليل، والعلم قد يكون علماً واسعاً يعرف الإنسان غالب المسائل، وما لا يعرفه منها فعنده قدرة على معرفتها، وقد يكون الإنسان عالماً في مسألة واحدة، يأخذ الكتب ويبحث فيها وينظر أدلة العلماء، فيصير عالماً بها فقط، ومن هذا ما جاء به الحديث: بلغوا عني ولو آية ـ لكن غالب الوعاظ يأتون بأدلة لا زمام لها، أدلة ضعيفة يريدون بذلك تقوية الناس في الأمور المطلوبة، وتحذيرهم من الأمور المرهوبة ويتساهلون في باب الترغيب والترهيب، وهؤلاء فيهم نفع لا شك، لكن ليسوا أهلاً لأن يتلقى عنهم العلم الشرعي، بحيث يعتمد على ما يقولون، إلا إذا قالوا: نحن نقول كذا لقوله تعالى كذا وكذا، ونقول كذا لقول النبي صلى الله عليه وسلم كذا، ويأتون بحديث صحيح، فمعلوم أن من أتى بعلم وحجة فهو مقبول، لكن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ حذر من القرَّاء بلا فقه، والمراد بالفقه أن يكون عند الإنسان حكمة فيضع الأشياء مواضعها، وأن يكون عند الإنسان دليل يكون حجة له عند الله عز وجل، وأظن أنه لا يخفى على عامة الناس العالم من طالب العلم. اهـ.

ومن هنا يتبين أن الحصول على تزكية أهل العلم ليست شرطا لجواز تعليم الناس أو إفتائهم، لمن عرف الحق بدليله وكان أهلاً لذلك، وإن كانت مثل هذه التزكية مما يعرف به العالم ويوثق فيه، وتطمئن إليه النفوس، وقد سبق لنا بيان أن الذي يميز العلماء الربانيين عن غيرهم هو المنهج الذي يتبعونه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 29581.

وراجع في بيان صفة أهل العلم الربانيين الفتوى رقم: 64980.

وراجع الفتوى رقم: 18328، في صفات من يؤخذ عنهم العلم وتقبل منهم الفتوى.

وكذلك مسألة الطعن في أهل العلم، وكثرة من يتكلمون في أمور الدين عن علم وعن غير علم ـ سبق لنا بيان المنهج الحق في هذه الظاهرة، ووجهة نظرنا في التعامل مع هذه الحالة، فراجع الفتوى رقم: 6506.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني