الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلب العلم أفضل أم أداء النوافل.. آراء العلماء

السؤال

شيوخي الأفاضل أطال الله أعماركم.. أود أن أسأل:
بعد أداء صلاة المغرب، قام أحد الشيوخ لإلقاء محاضرة، وقال للناس قبل أن يبدأ المحاضرة، لا داعي لأداء راتبة المغرب،
لأن طلب العلم أفضل من أداء سنة الراتبة، والبعض رفضوا استماع المحاضرة قبل أداء سنة الراتبة، أيهما نقدم: استماع المحاضرة أم نصلي الأول الراتبة... أفيدونا أفادكم الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي يظهر أن تقدم صلاة النافلة على المحاضرة لأن وقتها سيخرج غالبا إذا امتدت المحاضرة إلى أذان العشاء، ولأنه لا تعارض بين الجمع بينهما في هذه الصورة. وهذا هو المتبع والمشهور بين الناس اليوم.

وأما بخصوص قوله إن طلب العلم أفضل من السنة الراتبة فليس على إطلاقه؛ بل ذلك يختلف باختلاف الناس واختلاف الأحوال. قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: والأفضل يتنوع بتنوع الناس فبعض العلماء يقول : كتابة الحديث أفضل من صلاة النافلة، وبعض الشيوخ يقول : ركعتان أصليهما بالليل حيث لا يراني أحد أفضل من كتابة مائة حديث. وآخر من الأئمة يقول : بل الأفضل فعل هذا وهذا، والأفضل يتنوع بتنوع أحوال الناس فمن الأعمال ما يكون جنسه أفضل ثم يكون تارة مرجوحا أو منهيا عنه . كالصلاة ؛ فإنها أفضل من قراءة القرآن، وقراءة القرآن أفضل من الذكر، والذكر أفضل من الدعاء، ثم الصلاة في أوقات النهي - كما بعد الفجر والعصر ووقت الخطبة - منهي عنها، والاشتغال حينئذ إما بقراءة أو ذكر أو دعاء أو استماع أفضل من ذلك . وكذلك قراءة القرآن أفضل من الذكر، ثم الذكر في الركوع والسجود هو المشروع . دون قراءة القرآن، وكذلك الدعاء في آخر الصلاة هو المشروع دون القراءة والذكر، وقد يكون الشخص يصلح دينه على العمل المفضول دون الأفضل فيكون أفضل في حقه، كما أن الحج في حق النساء أفضل من الجهاد . انتهى.

ثم ذكر رحمه الله تعالى أن الأفضلية في ذلك قد تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال فقال: ومن الناس من تكون القراءة أنفع له من الصلاة، ومنهم من يكون الذكر أنفع له من القراءة، ومنهم من يكون اجتهاده في الدعاء لكمال ضرورته أفضل له من ذكر هو فيه غافل، والشخص الواحد يكون تارة هذا أفضل له، وتارة هذا أفضل له، ومعرفة حال كل شخص وبيان الأفضل له لا يمكن ذكره في كتاب، بل لا بد من هداية يهدي الله بها عبده إلى ما هو أصلح، وما صدق الله عبد إلا صنع له . وفي الصحيح " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يقول : { اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم }. انتهى. وانظر فتوانا رقم 93127.
ومما لا شك فيه أن الجمع بين طلب العلم وأداء النوافل أولى وأفضل، وهذا الإمام الشافعي رحمه الله كان يقسم الليل ثلاثة أثلاث، فثلث يؤلف فيه، وثلث يصلي فيه، وثلث ينام فيه. وأغلب السلف الصالح رحمهم الله كانوا على هذا الأمر نعني الجمع بين طلب العلم وفعل نوافل العبادات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني