الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يلزم المحرم بالحج إذا وقع في اللواط وأتى البهيمة وقتل البراغيث

السؤال

هل اللواط ونكاح البهائم وقتل البراغيث يفسد الحج؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن أقدم على اللواط وهو محرم بالحج فقد فسد حجه وعليه قضاؤه في السنة الموالية, كما يجب عليه نحر بدنة وهي الواحدة من الإبل، كما يفسد الحج أيضا بنكاح بهيمة عند بعض أهل العلم، جاء في المغني لابن قدامة: أما فساد الحج بالجماع في الفرج، فليس فيه اختلاف، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الحج لا يفسد بإتيان شيء في حال الإحرام إلا الجماع، والأصل في ذلك ما روي عن ابن عمر، أن رجلا سأله، فقال: إني وقعت بامرأتي، ونحن محرمان فقال: أفسدت حجك، انطلق أنت وأهلك مع الناس، فاقضوا ما يقضون، وحل إذا حلوا، فإذا كان في العام المقبل فاحجج أنت وامرأتك، واهديا هديا، فإن لم تجدا، فصوما ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجعتم ـ وكذلك قال ابن عباس، وعبد الله بن عمرو، لم نعلم لهم في عصرهم مخالفا.

وقال أيضا: ولا فرق بين الوطء في القبل والدبر، من آدمي أو بهيمة، وبه قال الشافعي، وأبو ثور، ويتخرج في وطء البهيمة أن الحج لا يفسد به، وهو قول مالك، وأبي حنيفة، لأنه لا يوجب الحد، فأشبه الوطء دون الفرج، وحكى أبو ثور عن أبي حنيفة أن اللواط والوطء في الدبر لا يفسد الحج، لأنه لا يثبت به الإحصان، فلم يفسد الحج كالوطء دون الفرج، ولنا أنه وطء في فرج يوجب الاغتسال، فأفسد الحج، كوطء الآدمية في القبل.

وقال أيضا: إذا ثبت هذا، فإنه يجب على المجامع بدنة، روي ذلك عن ابن عباس، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، ومالك والشافعي، وأبي ثور. انتهى.

وبخصوص قتل البراغيث أثناء الإحرام: فهو جائز عند الجمهور، ولا يلزم فيه شيء، خلافا للمالكية، جاء في دقائق أولي النهى، وهو حنبلي: ولا جزاء فيه ـ أي القمل ـ لأنه لا قيمة له أشبه البراغيث، ولأنه ليس بصيد، ولا يحرم قتل براغيث وقراد ونحوهما ـ كدلم وبق وبعوض ـ لأن ابن عمر قرد بعيره بالسقيا ـ أي نزع القراد منه ـ فرماه، وهذا قول ابن عباس. انتهى.

وفي المجموع للنووي الشافعي: قال ابن المنذر: قال الشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي: لا شيء على المحرم في قتل البعوض والبراغيث والبق، وكذا قال عطاء في البعوض والذباب. انتهى.

وفي الجوهرة النيرة وهو حنفي: قَوْلُهُ وَلَيْسَ فِي قَتْلِ الْبَعُوضِ وَالنَّمْلِ وَالْبَرَاغِيثِ وَالْقُرَادِ شَيْءٌ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصُيُودٍ. انتهى.

أما المالكية: فقد قالوا كما في الفواكه الدواني للنفراوي المالكي: وكذا يجب على كل محرم اجتناب جميع قتل الدواب كالقمل والبراغيث والبعوض، فإن قتل شيئا منها لزمه إطعام حفنة من طعام، وهي ملء اليد الواحدة، إلا أن يكثر ما قتله بأن يزيد على العشرة وما قاربها فتلزمه الفدية. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني