الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تكنولوجيا الدعوة

تكنولوجيا الدعوة

تكنولوجيا الدعوة

يتكون مصطلح تكنولوجيا من مقطعين: الأول "تكنو" Techno، ويعني الحرفة، والثاني "لوجيا" Logy، ومعناه "علم"، والمقطعان مجتمعان (تكنولوجيا) يعنيان علم الحرفة، أي علم الاحتراف والإتقان العلمي والمهني، وإتقان الأعمال توجه إسلامي أصيل، دعا إليه الرسول المعلم محمد صلى الله عليه وسلم، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه].

فالإتقان مبدأ إسلامي، انفرد به المسلمون منذ بداية الدعوة الإسلامية، وكان الإتقان أداة فعالة من أدوات الدعوة الإسلامية، وانتشارها بين الأقطار المختلفة.

وعندما نضيف كلمة "الدعوة" إلى مصطلح تكنولوجيا، فنقول: (تكنولوجيا الدعوة) فإننا نهدف من وراء ذلك إلى احتراف العمل الدعوي، وإتقان فنه، واكتساب مهاراته، والوقوف على أيديولوجياته؛ ليصبح علمًا تطبيقيًا منظوميًا، له أهدافه القابلة للتحقيق، ومنهاجه المتكامل، واستراتيجياته المختلفة، وسيكلوجياته الخاصة، وأدواته المتطورة، ووسائله المستحدثة، وتصميماته الخاصة بمواقفه الدعوية المختلفة، وكذلك إجراءاته وطرق تقويمه.

ولهذا العلم فاعلية في تحسين عمليات الاتصال، وتسهيل التواصل بين عناصر عملية الاتصال من (مرسل، ورسالة، وقناة اتصال، ومستقبل)، وكذلك فاعليته في عمليتي التعليم والتعلم، مقتدين في تحقيق الفاعلية بعمل أشهر داعية وأفضل معلم، وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي وظف الإمكانات المتاحة في بيئته لخدمة دعوته الخالدة، باستخدام الوسائل المختلفة في تعليم أصحابه (رضوان الله عليهم)؛ فخاطب الناس على قدر عقولهم، وواجه كل موقف بما يناسبه، فتراه يستخدم الرسم والتخطيط على الرمال تارة، والإشارة والخطاب المباشر تارة أخرى، وإرسال الوفود إلى القبائل تارة ثالثة، ويستخدم العينات أو المجسمات، أو الأشياء الحقيقية في موقف رابع، وغير ذلك من الوسائل، موظفًا ذلك حسب متطلبات الموقف الدعوي، وحسب حال المتعلم أو السائل، وفي هذا قمة التوظيف للتكنولوجيا التي هي علم الحرفة والتطبيق العملي للمعرفة البشرية.

إن دراسة تكنولوجيا الدعوة تصل بنا في نهاية الأمر إلى مفهوم شامل لتكنولوجيا الدعوة الإسلامية، وهذا المفهوم ينطلق من أسس ثلاثة، هي: "كون تكنولوجيا الدعوة الإسلامية (مجالًا)، وكونها (عملية)، وكونها (مهنية)".

والنظر إلى تكنولوجيا الدعوة (كمجال) ما هو إلا محاولة علمية جادة لتحديد مكونات هذا التخصص، وبيان ملامحه الأساسية من أجهزة حديثة، ووسائل تخزين، وقوى بشرية، وتصميم، وإنتاج، وتقويم، مع إطار نظري وخطط دعوية.

أما تكنولوجيا الدعوة الإسلامية - كعملية - فهي أكبر من مجرد إدخال المستحدثات التكنولوجية إلى المجال الدعوي؛ بل هي مخططة ومنظمة، فريدة، وفعالة، وتخضع للدراسة الكاملة لكل المكونات السابقة المرتبطة بالمجال.

ومن الطبيعي أن النظر إلى تكنولوجيا الدعوة الإسلامية - كمجال وكعملية - يحتم علينا النظر إليها كمهنة، إذ أن أي مجال به مجموعة من العمليات يتطلب أن يكون هناك من يقوم به، وهم الممتهنون لهذه المهنة، وهذا ما يؤكد أن العمل في مجال تكنولوجيا الدعوة الإسلامية يتطلب أفرادًا مُعَدّين إعدادًا جيدًا، وأصحاب مهارات خاصة وقدرات عالية في التعامل مع المكونات المعروفة لمجال تكنولوجيا الدعوة الإسلامية.

محاور وسائل الاتصال
إن وسائل الاتصالات الحديثة - إذا ما نظرنا إليها بمنظور إسلامي - تدور في محاور ثلاثة:
أولها: أنها تُعدُّ آية دالة على صدق النبوة المحمدية.
ثانيًا: أنها فرصة عظيمة لنشر هذه الدعوة.
ثالثًا: أنها تعد تحديًا كبيرًا يواجه الدعوة في هذا العصر.

- أما كونها آية، فلأنها جعلت بلدان العالم جميعها بمثابة البلد الواحد، التي كان يرسل إليها كل نبي على حده، وفي هذا دلالة على أن الذي أرسل سيدنا محمدًا للناس كافة - وهو الخالق سبحانه - كان يعلم - بلا شك - أن العالم كله سيصير بمنزلة القرية الواحدة فلا يحتاج الأمر إلى تعدد المرسلين.
وفي هذا دليل واضح يضاف إلى الأدلة الكثيرة المشيرة إلى صدق رسولنا المعصوم صلى الله عليه وسلم، وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين.

- أما كون هذه الوسائل الحديثة فرصة عظيمة لنشر الدعوة الإسلامية، فهذا أمر لا يكاد يحتاج إلى بيان، فقد تطورت آليات الطباعة والنشر على مواد مطبوعة، وغير مطبوعة كما نرى، والكلمة المنطوقة لم يعد ينتهي تأثيرها بانتهاء النطق بها؛ بل صارت مسجلة على شرائط تسجيل مسموعة وأخرى مرئية مسموعة، وظهرت الشبكة العالمية للمعلومات (الإنترنت).

- وأما كونها تحديًا عظيمًا:
فأولًا: لأنها كما أتاحت لنا إيصال الدعوة الإسلامية إلى غير المسلمين في بقاع الأرض، فقد سهلت لغير المسلمين إيصال سمومهم إلينا، وبما أن إمكاناتهم المادية، وإدراكهم لأهمية هذه الوسائل أكبر منا، فإن ما ينجحون في توصيله إلينا أكثر بكثير مما ننجح في إيصاله إليهم.

وثانيًا: لأننا لم نضع حتى الآن آليات تنفيذية مخططة وفق متطلبات هذا العصر؛ من أجل الدفاع عن هذا الدين ودعوة البشرية إليه.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة