الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          [ ص: 104 ] مسألة : ولا تجزئ صلاة فرض أحدا من الرجال - : إذا كان بحيث يسمع الأذان أن يصليها إلا في المسجد مع الإمام ، فإن تعمد ترك ذلك بغير عذر بطلت صلاته ، فإن كان بحيث لا يسمع الأذان ففرض عليه أن يصلي في جماعة مع واحد إليه فصاعدا ولا بد ، فإن لم يفعل فلا صلاة له إلا أن لا يجد أحدا يصليها معه فيجزئه حينئذ ، إلا من له عذر فيجزئه حينئذ التخلف عن الجماعة وليس ذلك فرضا على النساء ، فإن حضرنها حينئذ فقد أحسن ، وهو أفضل لهن ؟ فإن استأذن الحرائر ، أو الإماء بعولتهن أو ساداتهن في حضور الصلاة في المسجد : ففرض عليهم الإذن لهن - ولا يخرجن إلا تفلات غير متطيبات ولا متزينات ، فإن تطيبن ، أو تزين لذلك : فلا صلاة لهن ، ومنعهن حينئذ فرض ؟ .

                                                                                                                                                                                          حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا قتيبة بن سعيد ، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي ، وإسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه - كلهم عن مروان بن معاوية الفزاري عن عبيد الله بن الأصم عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة قال : { أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال : يا رسول الله ، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له ، فيصلي في بيته ، فرخص له ، فلما ولى دعاه وقال له : هل تسمع النداء بالصلاة ؟ قال : نعم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأجب ؟ } حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد البلخي ثنا الفربري ثنا [ ص: 105 ] البخاري ثنا مسدد ثنا يزيد بن زريع ثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث الليثي قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما ثم ليؤمكما أكبركما } ؟ وبه إلى البخاري - : حدثنا محمد بن يوسف ثنا سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجلين أتياه يريدان السفر : { إذا خرجتما فأذنا ثم أقيما ثم ليؤمكما أكبركما } ؟ .

                                                                                                                                                                                          وبه إلى البخاري - : حدثنا معلى بن أسد ثنا وهيب هو ابن خالد - عن أيوب عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث قال : { إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا - وقد أتيته في نفر من قومي - : إذا حضرت الصلاة . فليؤذن لكم أحدكم ، وليؤمكم أكبركم } .

                                                                                                                                                                                          حدثنا أحمد بن قاسم حدثني أبي قاسم بن محمد بن قاسم حدثني جدي قاسم بن أصبغ ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ثنا سليمان بن حرب ثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر } . [ ص: 106 ]

                                                                                                                                                                                          حدثنا حمام بن أحمد ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا إبراهيم بن محمد ثنا ابن بكير عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { والذي نفسي بيده ، لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ، ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عظما سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء } .

                                                                                                                                                                                          وقد رويناه من طريق سفيان بن عيينة ، عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مسندا - ومن طريق شعبة ، وعبد الله بن نمير ، وأبي معاوية كلهم عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مسندا .

                                                                                                                                                                                          وليس في ذكر العشاء في آخر الحديث دليل على أنها المتوعد على تركها دون غيرها ، بل هي قضيتان متغايرتان ؟ .

                                                                                                                                                                                          وأيضا فالمخالف موافق لنا على أن حكم صلاة العشاء في وجوب حضورها كسائر الصلوات ولا فرق .

                                                                                                                                                                                          ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يهم بباطل ولا يتوعد إلا بحق .

                                                                                                                                                                                          فإن قيل : فلم لم يحرقها ؟ قيل : لأنهم بادروا وحضروا الجماعة ، لا يجوز غير ذلك - : [ ص: 107 ] حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن إسحاق بن السليم ثنا ابن الأعرابي ثنا أبو داود ثنا النفيلي هو عبد الله بن محمد - ثنا أبو المليح هو الحسن بن عمر الرقي - حدثني يزيد بن يزيد هو ابن جابر - حدثني يزيد بن الأصم قال : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لقد هممت أن آمر فتيتي فتجمع حزما من حطب ، ثم آتي قوما يصلون في بيوتهم ليست بهم علة فأحرقها عليهم } .

                                                                                                                                                                                          قال يزيد : فقلت ليزيد بن الأصم : يا أبا عوف ، الجمعة عنى أو غيرها ؟ قال : صمتا أذناي إن لم أكن سمعت أبا هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكر جمعة ولا غيرها " . قال علي : وقد أقدم قوم على الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم جهارا فقال : إنما عنى المنافقين ومعاذ الله من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن المحال البحت أن يكون عليه السلام يريد المنافقين فلا يذكرهم ويذكر تاركي الصلاة وهو لا يريدهم فإن ذكروا حديث أبي هريرة ، وابن عمر كلاهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن صلاة الجماعة تزيد على صلاة المنفرد سبعا وعشرين درجة } .

                                                                                                                                                                                          قلنا : هذان خبران صحيحان ، وقد صحت الأخبار التي صدرناها ، وثبت أنه لا صلاة لمتخلف عن الجماعة إلا أن يكون معذورا ، فوجب استعمال هذين الخبرين على ما قد صح هنالك ، لا على التعارض والتناقض المبعدين عن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                          فصح أن هذا التفاضل إنما هو على صلاة المعذور التي تجوز ، وهي دون صلاة الجماعة في الفضل كما أخبر عليه السلام .

                                                                                                                                                                                          ومن حمل هذين الخبرين على غير ما ذكرنا حصل على خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الأخر ، وعلى تكذيبه عليه السلام في قوله : أن لا صلاة في غير الجماعة إلا لمعذور ، واستخف بوعيده ، وعصى أمره عليه السلام في إجابة النداء .

                                                                                                                                                                                          وبأن يؤم الاثنين فصاعدا أحدهما ، وهذا عظيم جدا ؟

                                                                                                                                                                                          وهذا الذي قلنا : هو مثل قول الله تعالى : { لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين [ ص: 108 ] بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه } .

                                                                                                                                                                                          فنص تعالى على أن المتخلف عن الجهاد بغير عذر مذموم أشد الذم في غير ما موضع من القرآن - : منها قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم } في آيات كثيرة جدا .

                                                                                                                                                                                          ثم بين الله تعالى أن المجاهدين مفضلون على القاعدين درجة ودرجات ، فصح أنه إنما عنى القاعدين المعذورين الذين لهم نصيب من وعد الله الحسنى والأجر ، لا الذين توعدوا بالعذاب ؟ وكما أخبر عليه السلام أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم ، ولم يختلفوا معنا في أن المصلي قاعدا بغير عذر لا أجر له ، ولا نصيب من الصلاة ، فصح أن النسبة المذكورة من الفضل إنما هي بين المباح له الصلاة قاعدا لعذر من خوف أو مرض أو في نافلة ؟ فإن أرادوا أن يخصوا بذلك النافلة فقط ، سألناهم الدليل على ذلك ؟ ولا سبيل لهم إليه ، إلا بدعوى في أن المعذور في الفريضة صلاته كصلاة القائم ، وهذه دعوى كاذبة مخالفة لعموم قوله عليه السلام : { صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم } دون تخصيص منه عليه السلام ؟ وأيضا - فإن حمام بن أحمد حدثنا قال : ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا بكر بن حماد ، والقاضي أحمد بن محمد البرتي - : قال القاضي البرتي : ثنا أبو معمر هو عبد الله بن عمرو الرقي ثنا عبد الوارث - : وقال بكر : ثنا مسدد ثنا يحيى بن سعيد القطان وعبد الوارث بن سعيد التنوري [ ص: 109 ] ثم اتفقا عن الحسين المعلم عن عبد الله بن بريدة عن عمران بن الحصين - : قال القاضي البرتي في حديثه : إن عمران بن الحصين حدثه - وكان رجلا مبسورا : { أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل وهو قاعد ، فقال عليه السلام : من صلى قائما فهو أفضل ، ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم ، ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد } قال علي : وخصومنا لا يجيزون التنفل بالإيماء للصحيح ، فبطل تأويلهم جملة - ولله تعالى الحمد .

                                                                                                                                                                                          ولا شك في أن من فعل الخير أفضل من آخر منعه العذر من فعله ، وهذا منصوص عليه في الخبر الذي فيه - : إن الفقراء قالوا : يا رسول الله ، ذهب أصحاب الدثور بالأجور ، فعلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذكر الذي علمهم ، فبلغ الأغنياء ففعلوه زائدا على ما كانوا يفعلونه من العتق والصدقة ، فذكر الفقراء ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : { ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء } .

                                                                                                                                                                                          ولا خلاف في أن من حج أفضل ممن لم يحج ممن أقعده العذر ، وهكذا في سائر الأعمال - وقد جاء في الأثر الصحيح : { من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت له عشرا } .

                                                                                                                                                                                          فعم عليه السلام من لم يعملها بعذر أو غير عذر ؟ فإن ذكروا الأثر الوارد فيمن كان له حزب من الليل فأقعده عنه المرض أو النوم : كتب له ؟ قلنا : لا ننكر تخصيص ما شاء الله تعالى تخصيصه إذا ورد النص بذلك ، وإنما ننكره بالرأي والظن والدعوى ، وقد يكتب له القيام كما في الحديث ، ويضاعف الأجر للقائم عشرة أمثال قيامه ، فهذا ممكن موافق لسائر النصوص - وبالله تعالى التوفيق . فإن ذكروا : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أم الناس في بيته وهو منفك القدم وفي منزل أنس ؟ } قلنا : نعم ، وهو معذور عليه السلام بانفكاك قدمه ، ولا يخلو الذين معه من أن [ ص: 110 ] يكونوا جميع أهل المسجد فصلوا هنالك ، فهنالك كانت الجماعة ، وهذا لا ننكره ، أو من أن يكونوا ممن لزمه الكون معه عليه السلام لضرورة ، فهذا عذر ، وتكون إمامته في منزل أنس في غير وقت صلاة فرض ، لكن تطوعا ؟ وكل هذا لا يعارض به ما ثبت من وجوب فرض الصلاة في جماعة ، ووجوب إجابة داعي الله تعالى في قوله : " حي على الصلاة " ؟ .

                                                                                                                                                                                          وقال الشافعي : هي فرض على الكفاية ؟ قال علي : وهذه دعوى بلا برهان ، وإذ أقر بأنها فرض ، ثم ادعى سقوط الفرض لم يصدق إلا بنص وقد قال : بمثل هذا جماعة من السلف - : روينا عن أبي هريرة أنه رأى إنسانا خرج من المسجد بعد النداء فقال " أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم " .

                                                                                                                                                                                          وروينا عن أبي الأحوص عن ابن مسعود أنه قال : " حافظوا على هذه الصلوات الخمس حيث ينادى بهن ، فإنهن من سنن الهدى ، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنهن إلا منافق بين النفاق ، ولقد رأيتنا وإن الرجل يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف وما منكم أحد إلا له مسجد في بيته ، ولو صليتم في بيوتكم وتركتم مساجدكم تركتم سنة نبيكم ، ولو تركتم سنة نبيكم لكفرتم " .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق وكيع عن مسعر بن كدام عن أبي حصين عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبي موسى الأشعري قال : من سمع المنادي فلم يجب من غير عذر فلا صلاة له .

                                                                                                                                                                                          وعن ابن مسعود : من سمع المنادي فلم يجب من غير عذر فلا صلاة له ؟ وعن معمر عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر : أنه صلى ركعتين من [ ص: 111 ] المكتوبة في بيته فسمع الإقامة فخرج إليها ؟ قال علي : لو أجزأت ابن عمر صلاته في منزله ما قطعها ؟ وعن أبي هريرة : لأن يمتلئ أذنا ابن آدم رصاصا مذابا خير له من أن يسمع المنادي فلا يجيبه ؟ وعن سفيان الثوري عن منصور عن عدي بن ثابت الأنصاري عن عائشة أم المؤمنين قالت : من سمع النداء فلم يأته فلم يرد خيرا ولم يرد به وعن يحيى بن سعيد القطان : ثنا أبو حيان يحيى بن سعيد التيمي حدثني أبي عن علي بن أبي طالب : لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ؟ فقيل له : يا أمير المؤمنين ، ومن جار المسجد ؟ قال : من سمع الأذان ومثله من طريق سفيان بن عيينة ، وسفيان الثوري عن أبي حيان المذكور عن أبيه عن علي .

                                                                                                                                                                                          وعن محمد بن جعفر عن شعبة عن عدي بن ثابت سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس أنه قال : من سمع النداء ، ثم لم يأت فلا صلاة له إلا من عذر .

                                                                                                                                                                                          وعن عطاء : ليس لأحد من خلق الله تعالى في الحضر والقرية يسمع النداء والإقامة - : رخصة في أن يدع الصلاة قال ابن جريج : فقلت له : وإن كان على بز يبيعه يفرق إن قام عنه أن يضيع ؟ قال : لا ، لا رخصة له في ذلك ؟ قلت : إن كان به مرض أو رمد غير حابس أو تشتكي يده ؟ قال : أحب إلي أن يتكلف ، قلت له : أرأيت من لم يسمع النداء من أهل القرية وإن كان قريبا من المسجد ؟ قال : إن شاء فليأت ، وإن شاء فليجلس

                                                                                                                                                                                          ؟ وعن عطاء : كنا نسمع أنه لا يتخلف عن الجماعة إلا منافق وعن إبراهيم النخعي : أنه كان لا يرخص في ترك الصلاة في الجماعة إلا لمريض أو خائف ؟ [ ص: 112 ] وعن هشام بن حسان عن الحسن قال : إذا سمع الرجل الأذان فقد احتبس ؟ وعن سفيان بن عيينة حدثني عبد الرحمن بن حرملة قال : كنت عند سعيد بن المسيب فجاءه رجل فسأله عن بعض الأمر ونادى المنادي فأراد أن يخرج فقال له سعيد : قد نودي بالصلاة ، فقال له الرجل : إن أصحابي قد مضوا وهذه راحلتي بالباب ، فقال له سعيد : لا تخرج ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا يخرج من هذا المسجد بعد النداء إلا منافق ، إلا رجل خرج وهو يريد الرجعة إلى الصلاة } فأبى الرجل إلا الخروج ، فقال سعيد : دونكم الرجل ، قال : فإني عنده ذات يوم إذ جاءه رجل فقال : يا أبا محمد ألم تر الرجل ؟ - يعني ذلك الذي خرج - وقع عن راحلته فانكسرت رجله قال سعيد : قد ظننت أنه سيصيبه أمر ؟ وهو قول أبي سليمان ، وجميع أصحابنا ؟ وأما النساء فلا خلاف في أن شهودهن الجماعة ليس فرضا ؟ وقد صح في الآثار كون نساء النبي صلى الله عليه وسلم في حجرهن لا يخرجن إلى المسجد ؟ واختلف الناس في أي الأمرين أفضل لهن ؟ أصلاتهن في بيوتهن ؟ أم في المساجد في الجماعات - : وبرهان صحة قولنا - : هو ما قد ذكرنا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن صلاة الجماعة تفضل صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة } .

                                                                                                                                                                                          وهذا عموم لا يجوز أن يخص منه النساء من غيرهن -

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية