الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          635 - مسألة : ومن مات وعليه نذر اعتكاف : قضاه عنه وليه ، أو استؤجر من رأس ماله من يقضيه عنه ، لا بد من ذلك ؟ لقول الله تعالى : { من بعد وصية يوصي بها أو دين } .

                                                                                                                                                                                          ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها ؟ فدين الله أحق أن يقضى } .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 433 ] ولما روينا من طريق مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس { أن سعد بن عبادة استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن أمي ماتت وعليها نذر لم تقضه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقضه عنها } وهذا عموم لكل نذر طاعة ، فلا يحل لأحد خلافه .

                                                                                                                                                                                          وقد ذكرنا في باب هل على المعتكف صيام أم لا ، قبل فتيا ابن عباس بقضاء نذر الاعتكاف .

                                                                                                                                                                                          وروينا من طريق سعيد بن منصور : نا أبو الأحوص نا إبراهيم بن مهاجر عن عامر بن مصعب قال : " اعتكفت عائشة أم المؤمنين عن أخيها بعد ما مات " ؟ وقال الحسن بن حي : من مات وعليه اعتكاف : اعتكف عنه وليه

                                                                                                                                                                                          وقال الأوزاعي : يعتكف عنه وليه إذا لم يجد ما يطعم قال : ومن نذر صلاة فمات : صلاها عنه وليه ؟ قال إسحاق بن راهويه : يعتكف عنه وليه ويصلي عنه وليه إذا نذر صلاة أو اعتكافا ثم مات قبل أن يقضي ذلك .

                                                                                                                                                                                          وقال سفيان الثوري : الإطعام عنه أحب إلي من أن يعتكف عنه ؟ قال أبو حنيفة : ومالك ، والشافعي : يطعم عنه لكل يوم مسكين ؟

                                                                                                                                                                                          وقال أبو محمد : هذا قول ظاهر الفساد ، وما للإطعام مدخل في الاعتكاف

                                                                                                                                                                                          وهم يعظمون خلاف الصاحب إذا وافق تقليدهم ، وقد خالفوا ههنا عائشة ، وابن عباس ، ولا يعرف لهما في ذلك مخالف من الصحابة رضي الله تعالى عنهم

                                                                                                                                                                                          وقولهم في هذا قول لم يأت به قرآن ولا سنة صحيحة ولا سقيمة ، ولا قول [ ص: 434 ] صاحب ولا قياس ، بل هو مخالف لكل ذلك - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          ومن عجائب الدنيا قول أبي حنيفة : من نذر اعتكاف شهر وهو مريض فلم يصح فلا شيء عليه . فلو نذر اعتكاف شهر وهو صحيح فلم يعش إثر نذره إلا عشرة أيام ومات ؟ فإنه يطعم عنه ثلاثون مسكينا ، وقد لزمه اعتكاف شهر .

                                                                                                                                                                                          قال : فإن نذر اعتكافا ؟ لزمه يوم بلا ليلة .

                                                                                                                                                                                          فإن قال علي اعتكاف يومين لزمه يومان ومعهما ليلتان .

                                                                                                                                                                                          وقال أبو يوسف : إن نذر اعتكاف ليلتين ؟ فليس عليه إلا يومان وليلة واحدة ، كما لو نذر اعتكاف يومين ولا فرق .

                                                                                                                                                                                          فهل في التخليط أكثر من هذا ؟ ونسأل الله العافية ؟

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية