الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ومن عجز ) بفتح الجيم ( عن الاجتهاد ) فيها ( و ) عن ( تعلم الأدلة ) كأعمى البصر أو البصيرة ( قلد ) حتما ( ثقة ) ولو عبدا أو امرأة ( عارفا ) [ ص: 445 ] يجتهد له ولغيره لقوله تعالى { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } أما الأول فلأن معظم الأدلة تتعلق بالمشاهدة والريح ضعيفة كما مر والاشتباه عليه فيها أكثر ، وأما الثاني فلأنه أسوأ من فاقد البصر بخلاف الفاسق والمميز وغير العارف ، فلو صلى من غير تقليد لزمته الإعادة وإن صادف القبلة أما ما صلاه بالتقليد وصادف فيه القبلة أو لم يتبين له الحال فلا إعادة عليه فيه ، فإن قال المخبر : رأيت القطب أو الجم الغفير يصلون هكذا فهو إخبار عن علم فالأخذ به قبول خبر لا تقليد ، ولو اختلف عليه في الاجتهاد اثنان قلد من شاء منهما لكن الأوثق والأعلم عنده أولى [ ص: 446 ] ويجب عليه إعادة السؤال لكل فريضة تحصر بناء على الخلاف المتقدم في تجديد الاجتهاد كما ذكره في الكفاية .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ومن عجز ) بفتح الجيم أفصح من كسرها ا هـ منهج ( قوله : ولو عبدا أو امرأة ) قد [ ص: 445 ] يشعر التعبير بالثقة دون مقبول الشهادة من يرتكب خارم المروءة مع السلامة من الفسق وهو ظاهر ، ويشعر به قول الشارح بخلاف الفاسق إلخ ، ويحتمل أن يقال بعدم قبول خبره ، وهو الأقرب ( قوله : أما الأول ) هو أعمى البصر ( قوله : والمميز وغير العارف ) أي فلا يقلد واحدا منهم ، وكان الأولى أن يقول أما الفاسق والمميز إلخ ( قوله : فهو إخبار عن علم ) يتأمل هذا مع جعله فيما مر من أدلة الاجتهاد ، لكنه موافق فيه لما قدمه من قوله وفي معناه خبر عدل باتفاق جمع من المسلمين ، فقوله فهو إخبار عن علم معناه أنه كالإخبار في تقدمه على الاجتهاد ( قوله : قلد من شاء منهما ) لو اختلف عليه دليلان أخذ بأوضحهما ، ويفرق بينه وبين أولوية الأخذ بقول الأعلم بأن الظن المستند لفعل النفس أقوى من المستند للغير ، فإن تساويا تخير ، زاد البغوي : ثم يعيد لتردده حالة الشروع ا هـ حج ( قوله : لكن الأوثق إلخ ) قضيته أنه لا نظر هنا لكثرة العدد ، وبه صرح سم على حج حيث قال : لو اتحد أحدهما وتعدد الآخر قلد من شاء منهما . ثم قال : قال في شرح الإرشاد : فإن كان أحدهما أوثق والآخر أعلم فالظاهر استواؤهما إلخ ا هـ .

                                                                                                                            وفي شرح العباب : الأولى تقديم الأوثق ا هـ وهو المعتمد . هذا وتقدم الشارح في المياه أنه لو اختلف عليه اثنان أخذ بقول أوثقهما ، فإن استويا فالأكثر عددا ، فإن استويا تساقطا وعمل بأصل الطهارة ا هـ . وعليه فما الفرق بينهما . ويمكن الفرق بأن الإخبار عن النجاسة لما كان مستنده الحس روعي فيه كثرة العدد لبعد اشتباه المشاهد على الكثير من الواحد ( قوله : والأعلم عنده أولى ) نقله سم على منهج عن شرح الروض ، ونظر فيه بأنه إذا وجب الأخذ بقوله في الصلاة فخارجها من باب أولى ، فيتجه أنه يجب عليه الأخذ بقوله أيضا كداخلها . ثم قال : وسأل م ر عن المسألة فوافق ما قاله الشارح بالذهن على البديهة ا هـ .

                                                                                                                            وبقي ما لو اختلف عليه مخبران عن علم أو ما هو بمنزلته كأن قال له شخص : القطب في هذا الموضع يكون أمامك ، وقال الآخر : يكون خلف أذنك اليسرى مثلا ، فهل يأخذ بقول أحدهما كالمجتهدين أو يتساقطان عنده ؟ فيه نظر ، ولعل الثاني أقرب ، ويفرق بينه وبين المجتهدين بأنه هنا يمكنه الاجتهاد لنفسه بعد ، بخلاف المجتهدين فإنه لا يأخذ بقول أحدهما إلا عند العجز عن الاجتهاد فاضطر للأخذ بقول أحدهما ، وأيضا هما هنا اختلفا في علامة واحدة لعارض فيها وهو موجب للتساقط ، وكتب أيضا : وإذا أخذ بقول أحدهما وجب عليه إعادة الصلاة بعد لتردده في النية حين التقليد ا هـ سم على حج . ونقل اعتماده عن م ر وفيه وقفة ، والأقرب عدم الإعادة فيما لو كان أحدهما أعلم أو أوثق وأخذ بقوله عملا بما هو أولى ، لأن اختياره لزيادة علمه يلغي أثر مقابله فلا تردد في النية عنده ، واحتمال خطئه كاحتماله فيما لو [ ص: 446 ] اجتهد هو وأداه اجتهاده إلى جهة فصلى إليها ( قوله : ويجب عليه إعادة السؤال ) هذا الحكم علم من قوله أو ما يقوم مقامه فذكره هنا تصريح بما علم



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قول المتن ومن عجز عن الاجتهاد ) أي [ ص: 445 ] لعدم علمه بالأدلة كما هو ظاهر من كلامه ، إذ العالم بها يمتنع عليه التقليد كما مر . قال الشهاب سم في حواشي التحفة قوله : ومن عجز عن الاجتهاد بتأمل هذا مع تقدم يعلم أن العالم بالفعل بأدلة القبلة يمتنع تقليده مطلقا فإن كان التعلم فرض كفاية وغير العالم بالفعل ينظر فيه ، فإن كان التعلم فرض كفاية في حقه وجب عليه التعلم وامتنع التقليد . فإن قلد لزمه القضاء قال : وعبارة الروضة ظاهرة في كل ذلك ( قوله : أكثر ) أي من البصير ( قوله : بخلاف الفاسق ) [ ص: 446 ] محترز المتن




                                                                                                                            الخدمات العلمية