الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وسجدة الشكر : مستحبة به يفتى [ ص: 120 ] لكنها تكره بعد الصلاة لأن الجهلة يعتقدونها سنة أو واجبة وكل مباح يؤدي إليه فمكروه ، ويكره للإمام أن يقرأها في مخافتة ونحو جمعة وعيد إلا أن تكون بحيث تؤدى بركوع الصلاة أو سجودها ولو تلا على المنبر سجد وسجد السامعون .

التالي السابق


مطلب في سجدة الشكر

( قوله وسجدة الشكر ) كان الأولى تأخير الكلام عليها بعد إنهاء الكلام على سجدة التلاوة ط وهي لمن تجددت عنده نعمة ظاهرة أو رزقه الله تعالى مالا أو ولدا أو اندفعت عنه نقمة ونحو ذلك يستحب له أن يسجد لله تعالى شكرا مستقبل القبلة يحمد الله تعالى فيها ويسبحه ثم يكبر فيرفع رأسه كما في سجدة التلاوة سراج .

( قوله به يفتى ) هو قولهما . وأما عند الإمام فنقل عنه في المحيط أنه قال لا أراها واجبة لأنها لو وجبت لوجب في كل لحظة لأن نعم الله تعالى على عبده متواترة وفيه تكليف ما لا يطاق . ونقل في الذخيرة عن محمد عنه أنه كان لا يراها شيئا وتكلم المتقدمون في معناه ; فقيل لا يراها سنة ، وقيل شكرا تاما لأن تمامه بصلاة ركعتين كما فعل عليه الصلاة والسلام يوم الفتح ، وقيل أراد نفي الوجوب ، وقيل نفي المشروعية وأن فعلها مكروه لا يثاب عليه بل تركه أولى وعزاه في المصفى إلى الأكثرين فإن كان مستند الأكثرين ثبوت الرواية عن الإمام به فذاك وإلا فكل من عبارتيه السابقتين محتمل والأظهر أنها مستحبة كما نص عليه محمد لأنها قد جاء فيها غير ما حديث وفعلها أبو بكر وعمر وعلي فلا يصح الجواب عن فعله صلى الله عليه وسلم بالنسخ كذا في الحلية ملخصا وتمام الكلام فيها وفي الإمداد [ ص: 120 ] فراجعهما . وفي آخر شرح المنية : وقد وردت فيه روايات كثيرة عنه عليه الصلاة والسلام فلا يمنع عنه لما فيه من الخضوع وعليه الفتوى . وفي فروق الأشباه : سجدة الشكر جائزة عنده لا واجبة وهو معنى ما روي عنه أنها ليست مشروعة وجوبا وفيها من القاعدة الأولى والمعتمد أن الخلاف في سنيتها لا في الجواز . ا هـ .

( قوله لكنها تكره بعد الصلاة ) الضمير للسجدة مطلقا . قال في شرح المنية آخر الكتاب عن شرح القدوري للزاهدي : أما بغير سبب فليس بقربة ولا مكروه ، وما يفعل عقيب الصلاة فمكروه لأن الجهال يعتقدونها سنة أو واجبة وكل مباح يؤدي إليه فمكروه انتهى .

وحاصله أن ما ليس لها سبب لا تكره ما لم يؤد فعلها إلى اعتقاد الجهلة سنيتها كالتي يفعلها بعض الناس بعد الصلاة ورأيت من يواظب عليها بعد صلاة الوتر ويذكر أن لها أصلا وسندا فذكرت له ما هنا فتركها ثم قال في شرح المنية : وأما ما ذكر في المضمرات أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة رضي الله تعالى عنها : " { ما من مؤمن ولا مؤمنة يسجد سجدتين } إلى آخر ما ذكر " . فحديث موضوع باطل لا أصل له .

( قوله فمكروه ) الظاهر أنها تحريمية لأنه يدخل في الدين ما ليس منه ط .

( قوله ويكره للإمام إلخ ) لأنه إن ترك السجود لها فقد ترك واجبا وإن سجد يشتبه على المقتدين شرح المنية .

( قوله ونحو جمعة وعيد ) أشار بنحو إلى أن الظهر مثلا لو أديت بجمع عظيم فهي كذلك أفاده ح .

( قوله إلا أن تكون إلخ ) بأن كانت في آخر السورة أو قريبا منه أو في الوسط وركع لها فورا كما مر بيانه قالح : لكن ينبغي أن لا ينويها في الركوع لما فيه من المحذور المتقدم عن القنية أي أنه يلزم المؤتم إذا لم ينوها فيه أيضا أن يأتي بها بعد سلام الإمام ويعيد القعدة .

( قوله سجد ) أي فوقه أو تحته تتارخانية .

( قوله وسجد السامعون ) أي لا غيرهم بخلاف الصلاة تتارخانية . وفي البدائع : ولو تلاها الإمام على المنبر يوم الجمعة سجدها وسجدها معه من سمعها لما روي { أنه عليه الصلاة والسلام تلا سجدة على المنبر فنزل وسجد وسجد الناس معه } " ا هـ والله تعالى أعلم .




الخدمات العلمية