الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
318 [ 201 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [قال]: " "التسبيح للرجال والتصفيق للنساء". .

التالي السابق


الشرح

أبو حازم: هو سلمة بن دينار الأعرج المخزومي، مولى الأسود بن سفيان المخزومي، كان من عباد أهل المدينة [ ص: 403 ]

سمع: سهل بن سعد، وأبا الدرداء، وعبد الله بن [أبي] قتادة، وأبا سلمة.

روى عنه: مالك، والثوري، وابن عيينة، وأسامة بن زيد.

مات سنة ثلاث وثلاثين ومائة أو خمس وثلاثين.

والحديثان صحيحان باتفاق الأئمة، فالأول منهما أورده البخاري عن عبد الله بن يوسف، ومسلم عن يحيى بن يحيى، وأبو داود عن القعنبي بروايتهم عن مالك، والثاني رواه البخاري عن علي بن عبد الله، ومسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره، وأبو داود عن قتيبة بروايتهم عن سفيان، ورواه الترمذي من طريق أبي صالح عن أبي هريرة، وفي الباب عن علي وجابر وابن عمر وأبي سعيد - رضي الله عنهم -.

وقوله: ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم يروى أنه كان بينهم قتال، ويروى أنه كان بينهم وبين أهل قباء شيء، والمراد سائر أهل قباء؛ فإن بني عمرو بن عوف من أهل قباء.

وقوله: فحانت الصلاة أي: حضرت وأتى حينها، وروى أبو داود في السنن أنها كانت صلاة العصر، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذهب إليهم بعد الظهر [ ص: 404 ]

وقوله: فأتى المؤذن أبا بكر تقدم في روايات الصحيح: فجاء بلال إلى أبي بكر فقال: أتصلي للناس فأقيم؟

فقال: نعم.


وقوله: وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد وأبو بكر والناس في الصلاة.

والتصفيق ضرب اليد على اليد.

وقوله: أن كما أنت أي: اثبت مكانك وكذلك روي في الروايات الصحيح، فكأن هذا الأمر أمر إكرام وتشريف لا أمر إلزام وتكليف، ولو كان كذلك لما استأخر أبو بكر - رضي الله عنه -.

وفي الحديث أنهم عجلوا الصلاة في أول الوقت ولم ينتظروا مجيء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فاحتج بذلك على أنه إذا خيف فوات أول الوقت يتقدم غير الإمام الراتب فيصلي، لكن تقدم أبي بكر كان عن إذن فإن أبا داود روى في السنن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال وقت ذهابه إلى بني عمرو: إن حضرت الصلاة ولم آتك فمر أبا بكر فليصل بالناس. وأنهم كانوا يقدمون أبا بكر - رضي الله عنه - في غيبة النبي - صلى الله عليه وسلم - لما عرفوا من فضله ومن إشارات النبي - صلى الله عليه وسلم - بتقديمه، وأن أبا بكر كان لا يلتفت في صلاته كما هو السنة، وأنه يعذر في الالتفات عند شدة الحاجة؛ لأن أبا بكر التفت لما أكثروا التصفيق، وأن الصلاة لا تبطل بالالتفات ما لم يتحول المصلي بجميع البدن عن القبلة، وأن العمل القليل لا يبطل الصلاة؛ لأنهم صفقوا، وأيضا فإن أبا بكر رفع يده وأيضا فإنه استأخر عن مكان الصلاة، وإكثار التصفيق محمول على كثرته من الجمع لا من الواحد أو على أنه لم يكن بصفة الموالاة، وفيه أن من حدثت له نعمة حسن منه [ ص: 405 ] إظهار السرور والشكر بحمد الله تعالى ورفع اليد إليه وإن كان في الصلاة، وأن الرجل إذا نابه شيء في صلاته ينبغي أن يسبح، وأن التسبيح مع قصد الإعلام لا يخل بالصلاة، وأن المرأة إذا نابها شيء تصفق ولا ترفع صوتها بالتسبيح، وذكر الأئمة أنه ينبغي أن تضرب ظهور أصابع اليمنى على كف اليسرى وليكن العكس كذلك، وقال بعضهم: تضرب بأصبعين من يمينها على كفها اليسرى، والمقصود أنها لا تصفق بالكفين فإنه يشبه اللعب، ولو صفقت على وجه اللعب بطلت صلاتها، وفيه أنه يجوز المنع من المكروه مع ضرب من اللوم [فإنه] قال: ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق، ويروى التصفيح للنساء بدل التصفيق وهو بمعناه واللفظ مأخوذ من صفحة اليد.

وقوله: فإنه إذا سبح التفت إليه يبين أن قوله: فليسبح أراد فليسبح رافعا صوته، فإن الالتفات إليه يكون برفع الصوت لا بمطلق التسبيح، ويبين من القصة أنه إذا وقع بين قوم قتال ومنازعة فيستحب إتيانهم لإيقاع الصلح بينهم، وأنه يجوز أن يكون المصلي في بعض صلاته إماما وفي بعضها مأموما، وأنه يجوز الائتمام في خلال الصلاة فإن أبا بكر ائتم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في أثناء الصلاة، وأنه يجوز أن يأتم من صلى بعض الصلاة بمن يبتدئ الصلاة، وأنه يجوز إقامة الصلاة بإمامين.




الخدمات العلمية