الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 51 ] باب في سجود الشكر

وهذا الباب خال عن الفصل الأول والثالث الفصل الثاني

1494 - عن أبي بكرة - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جاءه أمر سرور - أو يسر به - خر ساجدا ، شاكرا لله تعالى . رواه أبو داود ، والترمذي وقال : هذا حديث حسن غريب .

التالي السابق


[ 51 ] باب في سجود الشكر

سجدة الشكر عند حدوث ما يسر به من نعمة عظيمة ، وعند اندفاع بلية جسيمة سنة عند الشافعي ، وليست بسنة عند أبي حنيفة ، خلافا لصاحبيه ، هذا ووقع في بعض النسخ بين الباب والفصل . ( وهذا الباب خال عن الفصل الأول ) : اعتذارا عن صاحب المصابيح و ( الثالث ) : اعتذارا عن نفسه . قال الشيخ الجزري : لم يذكر أي : صاحب المصابيح من الصحاح حديثا فيه أي : في هذا الباب ، وكل ما أورده فيه من الحسان ، وقد وجدت منه في الصحاح ، عن كعب بن مالك : أنه سجد لله شكرا لما بشره النبي - صلى الله عليه وسلم - بتوبة الله عليه ، وقصته مشهورة ، متفق عليها .

الفصل الثاني

1494 - ( عن أبي بكرة قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جاءه أمر ) : بالتنوين للتعظيم . ( سرور : بالنصب على نزع الخافض أي : لأجل حصوله أو على التمييز من النسبة ، أو بتقدير أعني يعني أمر سرور ، وفي نسخة : أمر [ ص: 1103 ] سرور على الوصفية للمبالغة ، أو على أن المصدر بمعنى الفاعل ، أو المفعول به ، أو على المضاف المقدر أي : أمر ذو سرور ، وفي نسخة : أمر سرور على الإضافة ، وقال ابن حجر أي : إذا جاءه أمر عظيم حال كونه سرورا ) اهـ . وهو لا يتم إلا بتقدير مضاف ، أو بكون المصدر بمعنى الفاعل أو المفعول ، أو على طريق المبالغة كرجل عدل .

( أو يسر به - ) : شك الراوي في اللفظ والمبنى ، وإلا فالمآل واحد في المعنى . ( خر ) أي : سقط . ( ساجدا شاكرا ) : حالان متداخلان ، أو مترادفان ، وفي نسخة : شكرا بالنصب للعلة . ( لله تعالى ) .

قال التوربشتي : ذهب جمع من العلماء إلى ظاهر الحديث ، فرأوا السجود مشروعا في باب شكر النعمة ، وخالفهم آخرون فقالوا : المراد بالسجود الصلاة . وحجتهم في هذا التأويل ما ورد في الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أتي برأس أبي جهل خر ساجدا ، وقد روى عبد الله بن أبي أوفى ، رأيته - صلى الله عليه وسلم - صلى بالضحى ركعتين حين بشر بالفتح ، أو لرأس أبي جهل ، ونضر الله وجه أبي حنيفة ، وقد بلغنا عنه أنه قال : وقد ألقي عليه هذه المسألة : لو ألزم العبد السجود عند كل نعمة متجددة عظيمة الموقع عند صاحبها لكان عليه أن لا يغفل عن السجود طرفة عين ; لأنه لا يخلو عنها أدنى ساعة ، فإن من أعظم نعمة عند العباد نعمة الحياة ، وذلك يتجدد عليه بتجدد الأنفاس ، أو كلاما هذا معناه .

وأما الحديث الذي يدل عليه أنه حين سجد رأى نغاشيا . فمرسل ، وهم لا يرون الاحتجاج به ، وقيل : المراد سرور يحصل عند هجوم نعمة ينتظرها ، أو يفاجئها من غير انتظار مما يندر وقوعها لا ما استمر وقوعها ، ومن ثم قيده في الحديث بالمجيء على سبيل الاستعارة ، ونكر أمر للتفخيم ، ويؤيده حديث سعد بن أبي وقاص ، وكذا حديث النغاشي ، والمرسل ضعيف ، لكنه إذا تقوى بحديث آخر ضعيف قوي ، وصار حسنا ، والحديث الذي نحن فيه حسن ، رواه أبو داود ، والترمذي ، عن أبي بكرة ، كذا ذكره الطيبي . ( رواه أبو داود ، والترمذي ، وقال : هذا حديث حسن غريب ) ، وصححه الحاكم ، ونقل ميرك عن التصحيح ، ورواه ابن ماجه ، وأحمد ، وفي إسناده بكار بن عبد العزى ، تكلم فيه بعض ، ووثقه آخرون . وقال الترمذي : حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه اهـ .

وقال البيهقي : وفي الباب حديث عن جابر ، وجرير ، وابن عمر ، وأنس ، وأبي حنيفة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو مروي من فعل أبي بكر ، وعمر ، وعلي - رضي الله عنهم - . قلت : وفي الباب أيضا عن أبي موسى الأشعري ، ومعاذ بن جبل ، وعبد الرحمن بن أبي بكر ، والبراء ، كلهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، تم كلامه .




الخدمات العلمية