الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد وفاة والدة صديقتي أصبحت أخاف أن أفقد والدتي.

السؤال

السلام عليكم..

سيدي: أنا لدي صديقة توفيت أمها السنة الماضية، ومنذ تلك اللحظة شعرت بالخوف على أمي، وفي مرة وأنا نائمة قبل صلاة الصبح سمعت وكأن صوتا يتحدث في أذني أن أمي سيحصل لها مثلها، وكان جدي قد توفي، ومنذ تلك اللحظة وأنا أعيش في خوف، ولا أنكر أني أحاول جاهدة التخلص منه، وفعلا بالدعاء تخلصت منه، حتى أني أدعو لأمي بطول العمر والصحة والعافية في الدين والجسد، وأنا على يقين أن الله استجاب دعائي، ولكن في الفترة الأخيرة عادت لي تلك المخاوف وتدخل لي في المستقبل، حيث تحاول أن تظهر لي كيف ستكون حالتي بعد وفاة أمي لا قدر الله! حتى أصبحت لا أحب النظر إلى أمي لكي لا يأتيني هذا التفكير، وأصبحت أقول في نفسي هل الله فعلا استجاب دعائي؟ ولماذا يأتيني هذا التفكير؟

أرجوك سيدي الكريم ماذا أفعل؟ بارك الله فيك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

شكرا لك أختي على سؤالك، الذي ذكرنا بأحبابنا، أحياء وأموات، لاشك أنك تعتقدين بالأجل، وبأن لكل إنسان أجل، وأن هذا الأجل لا يؤخر ولا يقدم، وكما قال تعالى في العديد من الآيات، ولكنها مشاعر المحبة التي تربطنا بأحبابنا وخاصة من الآباء والأمهات، وإخوة وأخوات، وأبناء وبنات، نحبهم، ويؤلمنا مجرد التفكير بفقدانهم في وقت من الأوقات، أو أنهم سيفقدوننا أيضا.

وكثير من هذه المشاعر والعواطف والمخاوف أمر طبيعي، يعيش معنا، ونعيش معه، على أن يبقى ضمن الحدود الطبيعية، وبحيث يكون قوة إيجابية، وليس قوة سلبية، والمقصود من القوة الإيجابية أن نحاول استخدام هذه العواطف لعمل إيجابي، فمثلا في مثل حالتك، ليس بأن لا تنظري إلى أمك كي لا تأتيك هذه المشاعر، وإنما على العكس أن تشبعي نفسك من النظر إليها، وتمتعي عينيك برؤية وجهها الصبوح، وجه الأم.

ولعل هذا النظر إليها سيخفف عنك بعض المشاعر السلبية، على العكس مما ظننت، فمنع نفسك من النظر، يزيد من ألمك، ويضاعف من الأفكار السلبية التي تحدثت عنها.

الجانب الثاني من سؤالك، والذي ورد في أول سؤالك عن وفاة والدة صديقتك، فربما هذه الصديقة قريبة منك، فتماهت عواطفك مع عواطفها، فشعرت بما شعرت، وهذا أمر سيتحسّن مع الوقت، وأنصحك هنا، وهذا مما سيساعدك أنت ويساعد صديقتك للتكيف مع أسى فقدان أمها، أنصحك وصديقتك أن تتحدثا معا عن والدتها، وما يذكر صديقتك عنها، وما هي مشاعرها... إن هذا الحديث المباشر والصريح يخفف، ولا يزيد كما يعتقد كثير من الناس، يخفف المشاعر السلبية عن الموت.

ويمكنك أيضا أن تطلبي من صديقتك أن تري صورة والدتها، وتشجعيها على النظر لصورة والدتها، فهذا مما يخفف مشاعر الفقدان.

ومن الأمثلة على صعوبة الموت وفقدان الأحباب، موقف الصحابي الجليل عمر بن الخطاب عقب وفاة الرسول الكريم، وكيف أنه لم يصدق بوفاته، وقال أنه ذهب وسيعود، حتى تدخل الصحابي الجليل الآخر أبو بكر، وقال قولته الشهيرة (من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت).

ولا ننسى أنه وحتى عندما يأتي وقت أجل قريب أو عزيز علينا، فالله لن يتركنا ويتخلى عنا، وإنما سيستمر برعايته لنا، فإن الله حيّ لا يموت.

متعك الله وأمك بالصحة والعافية، وجعل أيامك معها أيام هناء وسرور.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المملكة المتحدة ام وهج

    وانا يجيني مثل هالشعور متعنا الله جميعا بامهاتنا وابائنا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً