الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحسست برغبة في فسخ الخطوبة منذ اليوم التالي للخطبة، فماذا أفعل?

السؤال

القصة بدأت منذ 4 أعوام، كانت هناك فتاة تعمل معي في نفس الشركة، وكنت معجبا بها، وفاتحتها في موضوع الزواج، وهي في هذه اللحظة لم تبد ردا بالإيجاب أو الرفض، وفي نفس الوقت كنت أستعد لترك الشركة؛ لأنني قد حصلت على وظيفة أخرى، فقمت بالاتصال بها مرة أخرى تليفونيا؛ حتى أسألها عن ردها، فقالت لي: أعتقد أن ردي كان واضحا. والحقيقة أنا لم أفهم، وبعدها ب(6) شهور قررت أن أراسلها مرة أخرى على النت عن طريق الفيس بوك، ولم تجب على رسائلي.

ومنذ سنة ونصف اتصلت بي إحدى زميلاتي القدامى، وكانت تعمل معنا في نفس الشركة، وكانت تعرف كلينا، وتسأل عن أخباري، وقالت لي: لماذا لم تخطب حتى الآن؟ فقلت لها: إنه النصيب. فقالت: أنا أرشح لك -وذكرت اسم البنت- وهي لم تكن تعرف المحاولات السابقة مني في هذا الموضوع، فأجبتها بأني موافق، وأن تسألها، ولكن بشرط أن تقول لها أنني لست على علم بالموضوع هذا، وأنها تحاول أن توفق فقط كنوع من الخير للطرفين فقط، فكان رد الفتاه أنها غير مستعدة الآن، وممكن بعد (6) شهور ستكون مستعدة -رد غريب، ولكن سيتم تفسيره لاحقا-.

منذ شهرين بالضبط فوجئت بالفتاة نفسها ترسل لي رسالة على الفيس بوك بأنها تسأل عن حالي، وتقول لي: (كل سنة وأنت طيب بمناسبة حلول شهر رمضان) وكان رد فعلي أني بمجرد أن رأيت اسم راسل الرسالة قررت ألا أقرأها، وبعد فترة فتحت الرسالة وأجبتها بأني ناوي أن أخطب قريبا (وأنا في الحقيقة لم أكن مرتبطا أصلا) وهي قالت: ربنا يوفقك. وبعدها بفترة -وفي رمضان بالتحديد- كنت أدعو الله أن يرزقني بالزوجة في القريب العاجل، فجاءت في ذهني هذه الفتاة، وقلت لنفسي: أعمل محاولة وأرى.

وطلبت منها مقابلة، وبعد المقابلة اتفقنا على مناقشة كل المحاولات السابقة مني، ولماذا الآن؟ المهم أنه بعد فترة من المناقشات استقرت على أن أتقدم لخطبتها، وذهبت للبيت، واتفقت، وحددنا موعد الخطبة، وقبل يوم الخطبة بأسبوع بدأت أشعر بنوع من الفتور برغم قصر المدة منذ اللقاء الأول؛ لأنها أصرت أنه لابد أن أذهب للبيت، وفي يوم الخطبة نفسه لم أكن أشعر براحة على الإطلاق، وكنت شبه مكتئب، ولم أكن أعرف السبب.

الآن وبعد مرور أكثر من يوم أشعر بعدم الرغبة بالاستمرار، وهي لم تفعل شيئا معي أو تضايقني، بل بالعكس، ولكن الإحساس الذي شعرت به كان كئيبا ورهيبا، ولم أعد أهتم بها، أو حتى مشغوفا بالحديث معها. ساعدوني بالله عليكم، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ amr حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يمُنَّ عليك بزوجةٍ صالحةٍ طيبةٍ مباركةٍ تكون عونًا لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم المبارك - فإنك -ولله الحمد والمِنَّة- لم تتواصل مع هذا الموقع إلَّا لأن فيك خيرا، ولأنك حريص على التزام دينك واتباع سنة نبيك -صلى الله عليه وسلم-، ولا يخفى عليك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وضع لنا قواعد لاختيار الزوجة، بصرف النظر عن كونها تعمل معك في العمل، أو جارةً لك في السكن، أو قريبة من أقاربك، أو إنسانة بعيدة عنك، المهم هذه القاعدة تضمن لك السعادة والأمان والاستقرار في الدنيا والآخرة، وهي قول النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن ذكر الصفات التي يرغب فيها الناس عادةً: (فاظفر بذات الدين تربتْ يداك) فإذا كانت هذه الأخت من أسرة طيبة، وإذا كان دينها دينا طيبا، أرى أن تتوكل على الله، وهذه الأشياء التي تحدث في نفسك الآن سوف تزول -بإذن الله تعالى- لأنه لا يلزم أن تكون هي سبب هذا التغيير، قد يكون هذا التغيير بسبب شيء آخر، ولكنه تناسب مع وقت الارتباط والخطبة، ولكن نحن لا نستطيع أن نجزم يقينًا بهذا.

فإذًا أقول: إذا كانت الأخت فيها الصفات الشرعية التي بيَّنها لك حبيبك -صلوات ربي وسلامه عليه- فأنا أرى أن تتوكل على الله وأن تواصل المسيرة، خاصة إذا كنت قد استخرت الله تبارك وتعالى قبل الإقدام على هذه الخطوة.

والآن إذا كنت قد استخرت الله -عز وجل- فامض في الأمر، فإذا كان الزواج هذا فيه خير لك في أمر دينك ودنياك فسوف ييسِّره الله تعالى، وإذا كانت ليست مناسبة لك، أو ليست هي التي قدَّرها الله في علمه، فاعلم أنه سيحدث بينكما أي نوع من الخلاف ولو كان بسيطًا، وبذلك سيذهب كل واحدٍ منكم إلى حال سبيله.

لذا أرى -بارك الله فيك- إذا كنت قد استخرت أن تتوكل على الله، وألا تعمل بعواطفك ومشاعرك التي تشعر بها الآن، لاحتمال أن يكون هذا نوع من تلبيس إبليس، وأنه لم يُرد لك الخير في الارتباط بهذه الفتاة.

كما أنصح إذا استمر الحال هذا -مثلاً- لفترة، أن تستعين بعد الله تعالى بأحد الرقاة الشرعيين الثقات؛ ليقوم بعمل رقية لك، لاحتمال أن يكون قد تمَّ حسدك، أو غير ذلك من الأمور التي عادةً ما تُحدث تغييرًا في مزاج الإنسان ونفسيته، وهذه أمور كثيرة جدًّا ومعروفة، فأنا أقول: إذا استمرت حالة النفور وعدم الراحة هذه لفترة من الزمن، لأسبوعين أو ثلاثة أو شهرٍ، في تلك الحال تحتاج قبل أن تأخذ قرارًا بالانفصال أو بترك الأخت أن تعرض نفسك على راق من الرقاة الشرعيين الثقات، لعل وعسى أن يكون الأمر سببه بعض الاعتداءات التي تحدث من قِبل عالم الإنس المؤذي أو الجنِّ المؤذي أيضًا.

فأنا أرى ذلك، وأرى عدم العجلة في الانفصال؛ لأني أعتقد أن الفترة السابقة لها دور في تكوين نفسيتك المعاصرة الآن، خاصة وأن الأخت أكثر من مرة عرضت نفسك عليها وطلبت منها ولم تردَّ عليك، قد يكون هذا نوعا من الانتقام النفسي الداخلي، وقد يكون لسبب آخر، لا يلزم أن يكون حقيقة بسبب عدم موافقة الأخت لك، وإنما قد يكون لسبب آخر، ولكنه وافق وقت عقد الخطبة أو الارتباط.

فأنا أرى ألا تظلم نفسك، ولا تظلم الأخت، وإنما -كما ذكرتُ لك- تُعطي نفسك فترة، إن وجدت الحالة النفسية ما زالت كما هي فعليك بالرقية الشرعية، وعليك أن تتوجَّه إلى الله بالدعاء أن يشرح الله صدرك للذي هو خير، وإذا كانت الأخت صاحبة طاعة وعبادة فأنا أنصح ألا تتركها حتى يفصل الله بينك وبينها عن طريق الاستخارة الجازمة التي تُبيِّن لك فعلاً استحالة أو صعوبة الحياة بينكما في المستقبل، وأسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لكل خير، إنه جواد كريم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً