الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العنف من قبل الوالدين، والعنف اللفظي من أسرتي.. كيف أتعامل معهم؟

السؤال

العنف من قبل الوالدين، والعنف اللفظي من أسرتي.. كيف أتعامل معهم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبعد:

أخي: كلمة العنف فضفاضة، لذا لابد من قيدها بقيود، ومن ثم الإجابة على سؤالك.

العنف هو استعمال القوة في سلب، أو نزع مطالب بالإكراه، أو الجبر، وهذا المعنى مرفوض في الشريعة الإسلامية، وهو أبعد ما يكون عن الوالدين.

لذا فحديثنا دائر عن العنف المعنوي، وهذا يحدث من بعض الآباء تجاه أولادهم أحيانًا، حرصًا عليهم أو خوفًا على مستقبلهم، وأملاً أن يصلح الله حالهم، ونحن نقول ذلك عن الوالدين؛ لأن الله فطرهم على محبة أولادهم، وعلى التضحية في سبيل إسعادهم، وهم دون غيرهم أحرص الناس عليهم وأرحم الناس بهم.

ومع ذلك نقول: سلامة المقصد لا تقتضي بالضرورة صحة الوسيلة، فإذا استخدم الوالدان العنف مع ولدهما، فماذا يجب عليه أن يفعل؟
هنا نقول لابد ابتداء من أمرين:
أولاً: إبعاد الظن السيء في الوالدين، أو أن دوافعهم لكره الطفل أو تفضيل أحد عليه، هذا لابد أن يستبعد من الرأس تمامًا؛ لأن فطرتهم كما أسلفنا تحول بينهم وبين هذا التصور.
ثانيًا: أن البر بالوالدين واجب شرعي على الأبناء، وليس معاوضة يحسن فيها الابن إذا أحسن الأب، ويسيء إذا أساء. بل عليه أن يحسن إلى والديه وأن يبرهم وإن أخطأوا.

لابد من الانطلاق من هاتين القاعدتين قبل أن نفكر في طريقة التعامل مع الأهل، وذلك وفق هذه النقاط:

1- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم؛ لأنه سيكون أول متربص بك بحيث يضخم لك الحدث، ثم يجمع تراكمات قد حصلت في الماضي حتى يضيق صدرك، ويدفعك إلى ما يغضب سيدك العظيم.

2- حصر المشكلة من غير تضخيم، ومعرفة الأسباب التي دفعت الأهل إلى ذلك.

3- عدم الرد على أي أحد عند الغضب، وأخذ وقت كاف للتفكير، واتهام النفس بالخطأ منهج سديد.

4- الحوار مع الوالد أو الوالدة وإزالة الفهم الخاطئ إن كان موجودًا، وإزالة الالتباس إن كان حاصلاً، وإبداء رأيك بأدب جم، ولكن بعد أن تقدم مقدمة في فضلهم، وعلو قدرهم عندك، ثم تبدأ التركيز على النقاط التي أغضبتك دون تفصيل في فروعها.

وإن شعرت أن الكلام معهم قد يضخم المشكلة فالصمت أفضل، ويمكنك بعد ذلك الاستعانة بأحد من العائلة أفهم وأحكم، أو شيخ المسجد الذي يحبه أهلك وأن تقترح عليه عقد خطبة أو محاضرة عامة في العنف الأسري، وكيفية التعامل مع الأولاد.

5- العمل على إزالة الأخطاء الموجودة عندك والتي تغضبهم، فنحن -أخي- لسنا أهل عصمة، ودائمًا ما نخطئ ونحتاج إلى تصحيح وتصويب، وهذا أمر طبيعي لمن ينشد الطريق الصحيح.

6- إيجاد المعاذير للأهل ، خاصة أولئك كبار السن أو من عليهم ضغوط نفسية أو اقتصادية، وكلما نجحت في إيجاد عذر كلما هدأت نفسك.

7- احتساب الأجر على برك بهم وإحسانك إليهم، في الدنيا والآخرة، فأجر البر -أخي- ستجده في دنياك قبل آخرتك، وتذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ليس الواصل بالمُكَافِئِ ، ولكنَّ الواصل الذي إذا قَطعت رحِمه وصَلَها».

هذا هو الطريق، ونسأل الله أن يكتب أجرك، وأن يرفع قدرك، وأن يحفظ أهلك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً