الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتجنب المواجهات ولا أستطيع التحدث أمام الناس، فما علاج ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب، وبعمر ١٩سنة، أواجه مشكلة القلق الاجتماعي، ولله الحمد، فأنا لا أستطيع الوقوف والتحدث أمام الناس، ولا أستطيع الوقوف والتعريف بنفسي أمام مجموعة منهم، ولا المشاركة في الفصل، ولا أستطيع الإمامة بالناس، رغم يقيني بأن هذه المواقف لا تستحق كل هذا التوتر، لكن رغم ذلك يظهر احمرار شديد في وجهي، ورجفة في صوتي، وأحياناً أفقد جزئياً السيطرة على حركات وجهي.

الآن حتى مع عائلتي، وجهي يحمر لأي توتر بسيط ويصبح ظاهراً للآخرين، لم أعد أستطيع التعبير بعفوية، أصبحت أتجنب الأحاديث التي تتطلب شرحاً طويلاً، ولو كانت عن مواضيع دينية، وأيضاً أتجنب العديد من الأنشطة ولو كانت فيها فائدة كبيرة لي، لكن -الحمد لله- بدأت أشعر بتحسن تدريجي بفضل الدعاء.

أرجو أن تصفوا لي دواءً يخلصني من احمرار الوجه، ورجفة الصوت، ويباع في بلدي المغرب، وماذا لو لم أجد نفس عدد الميليغرامات الموصوفة؟

وماذا أفعل لو لم يتبق إلا شهر أو شهر ونصف على تقديمي لعروض إجبارية في الفصل أمام الطلبة؟ (وهذا هو أكثر ما يخيفني!)، هل أضيف دواء قبل العرض، أم أكتفي فقط بالدواء الذي وصفتموه لي؟

شكراً جزيلاً لكم على كل مجهوداتكم، جزاكم الله خيراً كثيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك - أخي الفاضل - عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.

من الواضح أنك تُحب الإتقان، فقد أعجبني أسلوبك في كتابة السؤال، وفي استعمال علامات الترقيم بشكل مناسب، وربما هذا يُعطيني فكرة عن شخصيتك، بأنك تميل إلى الإحسان وإلى الكمال، فهذا أمرٌ طيب، والدليل على هذا ما أراه في السؤال الذي أرسلته إلينا، ولكن - أخي الفاضل - أحيانًا الميل إلى الكمال يسبب قلقًا للإنسان، ومن هنا واضح أنك تعاني من الرهاب الاجتماعي؛ لذلك تجد صعوبة في مواجهة الناس والحديث أمامهم، أو التعريف بنفسك، فتظهر عندك مؤشرات القلق والتوتر، كاحمرار الوجه والرعشة وغيرهما.

لذلك - أخي الفاضل - يُفيد هنا أن تستحضر أن الرهاب الاجتماعي من أكثر أنواع الرهاب انتشارًا بين الناس، وإن كانوا لا يتحدثون عنه، خجلًا من نظرة الناس إليهم.

أيضًا أعجبني اهتمامك بأن لديك بعد فترة شهر أو شهر ونصف عرضاً أمام الطلبة، وربما ميلك إلى الكمال الذي ذكرته يجعلك تخاف من هذا المشهد.

أخي الفاضل: كثير من الطلاب يشعرون بهذا، إلَّا أنني أريد أن أطمئنك أنك ستنمو وتتجاوز هذا، لكن عن طريق المواجهة لا عن طريق التجنُّب، فتجنُّب لقاء الناس في الحديث معهم لا يحل المشكلة، وإنما يزيدُها تعقيدًا.

أمَّا بالنسبة للدواء فنعم هناك دواء يُخفف الأعراض البدنية للقلق والتوتر والرهاب الاجتماعي، كاحمرار الوجه ورجفة اليدين واضطراب الصوت، ومن هذه الأدوية دواء بسيط متوفر في كل الدول، وهو الـ (بروبرانالول Propranolol) أو الاسم التجاري (اندرال Inderal) يمكن أن تأخذه نصف ساعة قبل العرض أو المحاضرة التي ستتكلم بها، ولكن أنصحك أن تُجرّب هذا الدواء قبل يوم العرض، كي تطمئن أن الأمور طيبة ومريحة.

عادةً ننصح بجرعة أربعين مليجرامًا، كما ذكرت تأخذه نصف ساعة إلى ساعة قبل موعد العرض، وعلى فكرة: كثير من الممثلين والسياسيين يتناولون هذا الدواء، لأنه يُخفف عندهم أعراض القلق والتوتر.

أدعو الله تعالى أن يشرح صدرك ويُخفف عنك، ويجعلك ليس فقط من الناجحين، بل من المتفوقين، وزادك الله في حرصك على حسن الأداء والكتابة، فالرسول صلى الله عليه وسلم يُعلِّمنا فيقول: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء).

وللفائدة راجع هذه الروابط: (2407088 - 2286299 - 2416172 - 2230509 - 2359821).

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً