الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف ننتصر على الشيطان والهوى والنفس؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحبتي في الله -حفظكم الله- لنا، وأسعدكم ونفعنا بعلمكم، وبورك في جهودكم، وتقبل منكم صالح الأعمال.

كثير من الناس يحافظون على الصلوات في المسجد جماعة، ويتصدقون، ويدعون الله بالقبول تثبيتًا لأنفسهم، وتحفيزًا لها، ولكره المعصية، ولكنهم إذا خلوا بالهاتف والنت، ومكان المعصية يتجرؤون على الله، ولا يترددون تلقائيًا عن المعصية ما دام لا أحد يراهم، لا يستحيون من الخالق ويستحيون من الخلق؛ لأنهم سينكرون عليهم فعلتهم! فهل من دعاء أو خطة للانتصار على الأعداء الثلاثة؟

الرجاء الإفادة، نفع الله بعلمكم الأمة الإسلامية، وزادكم من فضله وعطائه وإحسانه، وبورك لكم فيما أعطاكم ومنحكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ولدنا الحبيب - في استشارات إسلام ويب.

لا شك - أيها الحبيب - أن الإنسان المؤمن ينبغي أن يكون مراقبًا لله تعالى، مجتنبًا لمناهيه وحرماته في السر والعلن، ولكن إذا فعل الإنسان المسلم المعصية، واستتر ولم يُجاهر بها؛ فإنه في هذه الحال خيرٌ من المُجاهر، وقد فرّق النبي (ﷺ) بين الشخصين، فقال - عليه الصلاة والسلام -: «كُلُّ ‌أُمَّتِي ‌مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ».

وبيَّن - عليه الصلاة والسلام - المجاهرة فقال: «وَإِنَّ مِنَ المُجاهَرةَ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللهُ، فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ، عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ».

فمجرد حُب الإنسان ستر ذنبه ومعصيته عن عيون الناس؛ هذا شيء ليس مذمومًا بإطلاق، بل ينبغي للإنسان أن يستر على نفسه كما قال النبي (ﷺ): «مَنْ أَصَابَ شَيْئًا ‌مِنْ ‌هَذِهِ ‌الْقَاذُورَاتِ فَلْيَسْتَتِرْ»، والله تعالى سِتِّير، ويُحبُّ الستر، ولا ينبغي للإنسان أن يعوّد نفسه كشف هذا الستر وقلّة الحياء، فإن الحياء خيرٌ كلُّه، ولكن أحقُّ مَن يُستحيا منه الربُّ سبحانه وتعالى، المُطّلع على أعمالنا كلِّها.

ومراقبة الله تعالى في السر تحتاج إلى تقوية الإيمان في القلب، الإيمان بالله تعالى وبصفاته، وأنه سبحانه وتعالى مطلعٌ علينا، لا يخفى عليه شيءٌ من أمرنا، وتذكُّرُ هذه الحقائق الإيمانية، فإن من شأنها أن تردع الإنسان عن المعصية في خلوته.

وينبغي للإنسان أن يُكثر من دعاء الله سبحانه وتعالى أن يُلهمه رُشده ويَقيَه شرَّ نفسه، وقد وصّى النبي (ﷺ) بعض الصحابة بهذا الدعاء، فقال له - كما في حديث عمران بن الحصين -: ‌«أَسْلِمْ ‌حَتَّى ‌أُعَلّمَكَ كَلمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بهَا» فلمَّا أسلم علَّمه أن يقول: «اللَّهُمَّ ‌أَلْهِمْنِي ‌رُشْدِي، وَقِني مِنْ شَرِّ نَفْسِي».

كما أن النبي (ﷺ) دعا أيضًا بدعوات، بأن يرزقه الله سبحانه وتعالى خشيته في الغيب والشهادة، وفي الدعاء: «اللَّهُمَّ إِنّي أَسْأَلُكَ ‌خَشْيَتَكَ ‌فِي ‌الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ»، فدعاء الله سبحانه وتعالى من أهم الأسباب للوصول إلى المقاصد المطلوبة.

فاربط قلبك بالله، وأكثر من ذِكره، وتذكُّرِ أسمائه وصفاته، وأكثر من دعائه، وسترى أن حالك - بإذن الله تعالى - دائمًا في تحسُّنٍ، ومزيد من الخير.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإيَّاك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً