الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضيق في الصدر يلازمني ولا أدري كيف أتخلص منه!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة، عمري 20 سنة، وأعاني من ضيق في صدري يلازمني، ولا أدري كيف أتخلص منه لأعيش مرتاحة، حفظت القرآن كاملًا قبل سنتين، وبسبب ارتباطي بالجامعة لم أستطع المراجعة، فتركته ونسيت ما حفظته، وأحيانًا أقرأ القرآن قليلًا، والصلاة أصليها بعد إجبار نفسي عليها، وأسرح في الصلاة، ولا أنتبه ماذا أقول، أصلي وعقلي غير حاضر، وأظن كل تلك الأسباب تؤدي للضيق، ولدي ذنوب أخرى ابتعدت عنها، وأحاول أن أصلي قيام الليل لعلها تزيح الهم الجاثم على صدري.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه وسوء، وبعد:

فإننا نحمد الله عز وجل أن رزقك التدين، وأن وفقك حتى حفظت كتاب الله تعالى، وأن أعانك على ترك بعض الذنوب والمعاصي، وهذا دليل خير أنت عليه، نسأل الله أن يزيدك من فضله.

أختنا الكريمة: ضيقة الصدر لها أسباب متعددة أهمها: وساوس الشيطان ومحاصرته للعبد وإشغاله عن التلذذ بالطاعة؛ مما يسبب له مزيدًا من الضغط النفسي المولد لضيقة الصدر، وحتى نستطيع التخلص منه لا بد من فعل ما يلي:

أولًا: الاعتقاد الجازم بأن أمر المؤمن كله إلى خير، وأن قضاء الله وقدره خير للعبد متى ما كان الرضا سبيله.

ثانيًا: المحافظة على الصلاة في أوقاتها حتى وإن شغلك عنها الشواغل، حتى وإن اجتهد الشيطان أن يصرفك عن التلذذ بها، لا تجعلي من وسائل الشيطان حاجزًا بينك وبين أداء الفرائض، المهم قبل الصلاة أحسني الوضوء، واجتهدي في تذكر ما تقرئينه، واستعيذي بالله كلما أتاك، وأتمي صلاتك.

ثالثًا: خصصي وقتًا لتلاوة قدر معين من القرآن على أن يكون ثابتًا وإن قل مقداره، فقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [يونس:57]، وقال تعالى:( أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28]، وقال تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) [الإسراء:82].

رابعًا: حافظي على أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم، وأذكار الدخول والخروج، والطعام والنوم... واعلمي أن كل هذا حصن حصين لك، قال تعالى: (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد:28]، لا سيما دعوة ذي النون يونس -عليه السلام-: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)، وغيرها من الأذكار الثابتة عند الهم والكرب.

خامسًا: كلما اعتراك ألم، أو ابتلاء، أو ضيقة صدر احتمي بالله فورًا، وتذكري ما كان من حال يعقوب -عليه السلام- حين ابتلي فلجأ إلى الله وصدق في ذلك، وقال: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) [يوسف:86]، فأحسن الله مكافأته وفرج همه.

سادسًا: أكثري من الصلاة على النبي، واجعلي لها وردًا دائمًا، فعن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي كعب عن أبيه قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- : (كم أجعل لك من صلاتي قال: ما شئت، قال: الثلث، قال: ما شئت وإن زدت فهو أفضل، قال: النصف، قال: ما شئت وإن زدت فهو أفضل، قال: اجعل لك صلاتي كلها، قال: إذاً يكفيك الله همك و يغفر لك ذنبك).

وأخيرًا: اجتهدي في الدعاء، والله تعالى كريم قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، وما فتح العبد باب دعاء إلا فتح له باب إجابة، استمري على ذلك، وسوف تجدين الفرج -بإذن الله تعالى-.

نسأل الله أن يفرج همك، وأن ييسر أمرك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً