الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 527 ) مسألة : قال : ( فإذا ذهب ثلث الليل ذهب وقت الاختيار ، ووقت الضرورة مبقى إلى أن يطلع الفجر الثاني ، وهو البياض الذي يرى من قبل المشرق ، فينتشر ، ولا ظلمة بعده ) اختلفت الرواية في آخر وقت الاختيار ، فروي عن أحمد أنه ثلث الليل ، نص عليه أحمد ، في رواية الجماعة ، وهو قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأبي هريرة ، وعمر بن عبد العزيز ، ومالك ; لأن في حديث جبريل ، أنه صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم في المرة الثانية ثلث الليل ، وقال : { الوقت فيما بين هذين } وفي حديث بريدة ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها في اليوم الثاني ثلث الليل } وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { صلوا فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل } وفي حديثها الآخر : وكانوا يصلون فيما بين أن يغيب الشفق الأول إلى ثلث الليل .

                                                                                                                                            ولأن ثلث الليل يجمع الروايات ، والزيادة تعارضت الأخبار فيها ، فكان ثلث الليل أولى ، والرواية الثانية أن آخره نصف الليل . وهو قول الثوري ، وابن المبارك وأبي ثور وأصحاب الرأي ، وأحد قولي الشافعي ، لما روي عن أنس بن مالك قال : { أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل . } رواه البخاري

                                                                                                                                            وعن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { لولا ضعف الضعيف ، وسقم السقيم ، لأمرت بهذه الصلاة أن تؤخر إلى شطر الليل } رواه أبو داود ، [ ص: 232 ] والنسائي ، وفي حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { وقت العشاء إلى نصف الليل } رواه أبو داود والأولى إن شاء الله تعالى أن لا يؤخرها عن ثلث الليل ، وإن أخرها إلى نصف الليل جاز ، وما بعد النصف وقت ضرورة ، الحكم فيه حكم وقت الضرورة في صلاة العصر ، على ما مضى شرحه وبيانه ، ثم لا يزال الوقت ممتدا حتى يطلع الفجر الثاني .

                                                                                                                                            ( 528 ) فصل : وتسمى هذه الصلاة العشاء ، ولا يستحب تسميتها العتمة ، وكان ابن عمر إذا سمع رجلا يقول : العتمة . صاح وغضب ، وقال : إنما هو العشاء

                                                                                                                                            وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ، فإنها العشاء ، وإنهم يعتمون بالإبل } وعن أبي هريرة مثله . رواهما ابن ماجه وإن سماها العتمة جاز ; فقد روى أبو داود بإسناده عن معاذ ، أنه قال : أبقينا - يعني - انتظرنا - رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة العتمة ; ولأن هذا نسبة لها إلى الوقت الذي تجب فيه ، فأشبهت صلاة الصبح والظهر وسائر الصلوات

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية