الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 177 ] 21 - باب

                                وقت العشاء إذا اجتمع الناس أو تأخروا

                                540 565 - حدثنا مسلم بن إبراهيم : ثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن محمد بن عمرو - وهو : ابن الحسن بن علي - ، قال : سألنا جابر بن عبد الله عن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر بالهاجرة ، والعصر والشمس حية ، والمغرب إذا وجبت ، والعشاء إذا كثر الناس عجل ، وإذا قلوا أخر ، والصبح بغلس .

                                التالي السابق


                                هذا الحديث : دليل على أن الأفضل في صلاة الإمام العشاء الآخرة مراعاة حال المأمومين المصلين في المسجد ، فإن اجتمعوا في أول الوقت فالأفضل أن يصلي بهم في أول الوقت ، وإن تأخروا فالأفضل أن يؤخر الصلاة حتى يجتمعوا ; لما في ذلك من حصول فضل كثرة الجماعة ، ولئلا يفوت صلاة الجماعة لكثير من المصلين .

                                وتبويب البخاري : يدل على استحباب ذلك ، وهو - أيضا - قول عطاء وأبي حنيفة ، وأحمد ، نص عليه في رواية الأثرم ، قال : يؤخرها ما قدر بعد أن لا يشق على الناس ، وهو المذهب عند القاضي أبي يعلى في ( كتاب الجامع الكبير ) من غير خلاف .

                                ومن الأصحاب من حكى رواية أخرى عن أحمد : أن تأخيرها أفضل بكل حال .

                                والصحيح : ما قاله القاضي ، وأن المذهب أن تأخيرها أفضل ، إلا أن يشق على المأمومين ، أو يشق على من كان يصلي وحده .

                                وقال عطاء : الأفضل تأخيرها ، إماما كان أو منفردا ، إلا أن يشق عليه أو [ ص: 178 ] على الجماعة فيصليها وسطا لا معجلة ولا مؤخرة .

                                خرجه مسلم بإسناده عنه في ( صحيحه ) .

                                وروي أن عمر كتب إلى أبي موسى كتابا ، وقال فيه : صلي العشاء ما لم تخف رقاد الناس .

                                خرجه البيهقي .

                                وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إنه لوقتها ، لولا أن أشق على أمتي ) يدل على أنه كان يراعي حالهم إذا شق عليهم التأخير إلى وقتها الأفضل .

                                وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أنه وصى معاذ بن جبل لما بعثه إلى اليمن : ( أن تعجل العشاء في الصيف ، وتؤخرها في الشتاء ) ، وذلك مراعاة لحال المأمومين .

                                وقد قال ابن أبي هريرة - من أعيان الشافعية - : إن قولي الشافعي في استحباب تأخير العشاء وتقديمها ليسا على قولين ، بل على حالين : فإن علم من نفسه أنه إذا أخرها لا يغلبه نوم ولا كسل استحب تأخيرها ، وإلا فتعجيلها ، وجمع بين الأحاديث بهذا .

                                وضعف الشاشي قوله في ذلك ، ورد عليه صاحب ( شرح المهذب ) ، ورجح ما قاله ابن أبي هريرة ، وقال : هو ظاهر ، أو الأرجح . والله أعلم .



                                الخدمات العلمية