الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المسألة التاسعة من الأركان

[ مسح الأذنين ]

اختلفوا في مسح الأذنين هل هو سنة أو فريضة ، وهل يجدد لهما الماء أم لا ؟ فذهب بعض الناس إلى أنه فريضة ، وأنه يجدد لهما الماء ، وممن قال بهذا القول جماعة من أصحاب مالك ، ويتأولون مع هذا أنه مذهب مالك لقوله فيهما : إنهما من الرأس .

وقال أبو حنيفة وأصحابه : مسحهما فرض كذلك إلا أنهما يمسحان مع الرأس بماء واحد .

وقال الشافعي : مسحهما سنة ، ويجدد لهما الماء . وقال بهذا القول جماعة أيضا من أصحاب مالك ; ويتأولون أيضا أنه قوله لما روي عنه أنه قال : حكم مسحهما حكم المضمضة .

وأصل اختلافهم في كون مسحهما سنة أو فرضا : اختلافهم في الآثار الواردة بذلك ، ( أعني مسحه - عليه الصلاة والسلام - أذنيه ) هل هي زيادة على ما في الكتاب من مسح الرأس فيكون حكمهما أن يحمل على الندب لمكان التعارض الذي يتخيل بينها وبين الآية إن حملت على الوجوب ، أم هي مبينة لمجمل الذي في الكتاب فيكون حكمهما حكم الرأس في الوجوب ، فمن أوجبهما جعلها مبينة لمجمل الكتاب ، ومن لم يوجبهما جعلها زائدة كالمضمضة ، والآثار الواردة بذلك كثيرة ، وإن كانت لم تثبت في الصحيحين فهي قد اشتهر العمل بها .

وأما اختلافهم في تجديد الماء لهما : فسببه تردد الأذنين بين أن يكونا عضوا مفردا بذاته من أعضاء الوضوء ، أو يكونا جزءا من الرأس . وقد شذ قوم فذهبوا إلى أنهما يغسلان مع الوجه ، وذهب آخرون إلى أنه يمسح باطنهما مع الرأس ويغسل ظاهرهما مع الوجه ، وذلك لتردد هذا العضو بين أن يكون جزءا من الوجه أو جزءا من الرأس ، وهذا لا معنى له مع اشتهار الآثار في ذلك بالمسح ، واشتهار العمل به . والشافعي يستحب فيهما التكرار كما يستحبه في مسح الرأس .

التالي السابق


الخدمات العلمية