الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. قال : ( رجل صلى ركعة ثم جاء قوم فاقتدوا به [ ص: 174 ] فلما فرغ من صلاته وقعد قدر التشهد قهقه أو أحدث متعمدا فصلاته تامة ) ; لأنه لم يقعد بعد الركعة الرابعة حتى صلى ركعة أخرى وذلك مفسد للصلاة ; لأنه لم يبق عليه البناء ، وصلاة القوم فاسدة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ، وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله : لا تفسد ; لأنه لا سبب لإفساد صلاتهم ، فإن الضحك والحدث لم يوجدا منهم ، فلو فسدت صلاتهم إنما تفسد بفساد صلاة الإمام ، ولم تفسد صلاة الإمام هنا ، فهو قياس ضحكه بعد السلام ، ولأن الإمام لما قعد قدر التشهد فقد صار المسبوق في حكم المنفرد يقوم لإتمام صلاته ، ألا ترى أن سلام الإمام وكلامه لا يؤثر في حقه ولا يمنعه من البناء ، فكذلك ضحك الإمام وحدثه وأبو حنيفة رحمه الله قال : ما لم يسلم الإمام فالمسبوق مقتد به ، ألا ترى أنه لو نوى الإمامة أثر ذلك في حق المسبوق ، وأنه ممنوع من القيام حتى يسلم الإمام ، والضحك والحدث إذا لاقى جزءا من الصلاة كان مفسدا لذلك الجزء ، وبفساد ذلك الجزء من صلاة الإمام يفسد مثله من صلاة المقتدي ، إلا أن الإمام لم يبق عليه البناء بفساد ذلك الجزء ولا يضره ، والمسبوق قد بقي عليه البناء ففساد ذلك الجزء يمنعه من بناء ما بقي عليه فيلزمه الاستقبال ، ألا ترى أنه لو ضحك بنفسه أو أحدث في هذه الحالة لزمه الاستقبال ، فكذلك فعل الإمام في حقه بخلاف السلام والكلام ، فالسلام منه للصلاة والكلام قاطع لا مفسد ; لأنه لا يفوت به شرط الصلاة ، وهو الطهارة فلم يؤثر ذلك في حق المسبوق ، فأما الضحك والحدث مفسد لا قاطع ; لأنه يفوت به شرط الصلاة وهو الطهارة ، ولهذا قيل : لو تكلم الإمام بعد ما قعد قدر التشهد فعلى القوم أن يسلموا ، ولو أحدث الإمام متعمدا أو قهقه لم يسلم القوم ، وخروج الإمام من المسجد في كونه قاطعا لكلامه فلا يفسد صلاة المسبوقين

التالي السابق


الخدمات العلمية