الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( ولمريض حائط لبن ، أو حجر ) ش قال الشيخ زروق في شرح قول الرسالة : وإن لم يقدر على مس الماء لضرر بجسمه هذا حكم المريض العادم القدرة على استعمال الماء ، أو لا يجده وكذا الصحيح وأنه يجوز له التيمم بالتراب المنقول ، وإن كان في حائط ، أو غيره ما لم تغيره الصنعة فيصير جيرا أو جبسا أو آجرا ، أو يكون به حائل يمنع من مباشرته ، والمريض والصحيح في ذلك سواء إذا جرى فيبيح التيمم ، والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( لا بحصير وخشب )

                                                                                                                            ش : قال ابن الحاجب : ولا يتيمم على لبد ونحوه قال ابن فرحون يعني بنحوه البساط والثياب والحصير قال ابن راشد : ولا خلاف في ذلك ولو كان عليه غبار ; لأنه ليس من جنس الصعيد قال في التوضيح : إلا أن يكثر ما عليه من التراب حتى يتناوله اسم الصعيد ، انتهى .

                                                                                                                            وما ذكره عن التوضيح نحوه لابن عبد السلام وقوله : وخشب يعني أنه لا يتيمم على الخشب يريد النابت في الأرض ومعنى ذلك الحشيش والنخيل والحلفاء قال في الطراز : وأما ما ينبت في الأرض ، وليس من شكلها كالنخيل والحلفاء وغيره من الحشيش ، فإن لم يقدر على قلعه فقال أبو بكر بن الأبهري وابن القصار : يتيمم فيضرب بيديه الأرض وذلك عليها وأجازه الوقار في الخشب إذا غشى وجه الأرض وركبها على ما يكون في الغابات الواسعة وزاد أن ذلك من باب الضرورة إذا لم يفعل ذلك ماذا يصنع وذلك في هذه الحالة يعد من الأرض فإنه لو حلف وهو راكب لا نزلت على الأرض فنزل على أرض بهذه الصفة حنث ، ولو نزل على جذع نخل لم يحنث وعلى القول بأنه لا يتيمم على الثلج لا يتيمم على الحشيش ، والثلج أقرب إلى مشاكلة الأرض ، انتهى .

                                                                                                                            ونقله في الذخيرة ونصه : وأما النخيل والحلفاء والحشيش ونحوه إذا لم يقدر على قلعه قال الأبهري وابن القصار : يتيمم به فيضرب بيديه الأرض عليها وأجازه الوقار في الخشب إذا علا وجه الأرض كما في الغابات ; لأنه ضرورة ، ولأنه لو حلف لا ينزل على الأرض فنزل في هذه المواضع حنث ، ولو نزل على جذع ونحوه لم يحنث ، انتهى .

                                                                                                                            وقال اللخمي : وأجاز القاضي أبو الحسن بن القصار التيمم على الحشيش وأجاز في مختصر الوقار التيمم على الخشب ورأى أن يعيد من تيمم بشيء من ذلك ، فإن ذهب الوقت ، وإن لم يجد إلا سواه تيمم وصلى وذلك أولى من صلاته بغير تيمم ; لأنه لم يبق إلا التيمم أو يدع الصلاة ، أو يصلي بغير تيمم على القول الآخر فصلاته بمختلف فيه أولى وأحوط ، انتهى .

                                                                                                                            ( قلت ) ظاهر كلامه أن ابن القصار يجيز التيمم بالحشيش ، ولو وجد سواه ، وليس كذلك كما تقدم في كلام صاحب الطراز فتأمله وقال ابن الفاكهاني في شرح الرسالة [ ص: 355 ] لما ذكر الأنواع التي اختلف في جواز التيمم عليها : النوع الخامس ما حال بينك وبين الأرض ، وليس من جنسها فمن ذلك الحشيش والخشب فأجاز ابن القصار التيمم على الحشيش واختار اللخمي أن من تيمم على شيء من ذلك أعاد أبدا إن وجد غيره ، فإن لم يجد غيره تيمم وصلى وهو أولى من صلاته بغير تيمم قال الأبهري يتيمم على الحشيش لعدم الأرض ، ولأنه نبات من الأرض كالرمل والحصا واسم الأرض يقع عليه وذكر بعض البغداديين أن في التيمم على الزرع خلافا .

                                                                                                                            ( قلت ) والأرجح الأظهر عندي ما قاله اللخمي أنه إن وجد غيره لم يتيمم به لعدم ضرورته إليه مع بعده عن مسمى الأرض ، أو مسمى الصعيد ، وأما إذا لم يجد غيره فيصح التيمم به تشبيها له بأجزاء الأرض وذلك أولى من تغليب أحد الشائبتين مطلقا وتعطيل الأمرين ، انتهى .

                                                                                                                            وقال الشبيبي في شرح الرسالة لما ذكر الأنواع المختلف في جواز التيمم عليها الخامس ما حال بينك وبين الأرض ، وليس من جنسها كالخشب والحشيش والزرع واختار اللخمي القول بالمنع والإعادة أبدا إن تيمم به مع وجود غيره ، وإن لم يجد سواه تيمم به قال غيره وهو الأرجح الأظهر .

                                                                                                                            ( قلت ) فيتحصل أنه يجوز التيمم بالحشيش والحلفاء والنخيل والخشب إلا إذا لم يجد غيره ، ولم يمكن قلعه فيتيمم به حينئذ ، وليس هناك قول بجواز التيمم على ذلك مع وجود غيره إلا ما يفهم من حكاية اللخمي قول ابن القصار من غير تقييد وتبعه على ذلك غيره ، وقد علمت أنه مقيد بما إذا لم يمكنه قلعه كما تقدم في كلام صاحب الطراز ، والله تعالى أعلم . وقال عبد الحق في التهذيب قال الأبهري : ويتيمم على الحشيش والثلج لعدم الأرض قال ابن حبيب : ومن تيمم بذلك ، فإن وجد الصعيد في الوقت أعاد ، ولا يعيد بعد الوقت ، ولو فعله واجدا للصعيد أعاد أبدا ، انتهى .

                                                                                                                            وقال في المقدمات : ويجوز التيمم بالحشيش النابت على وجه الأرض إذا عم الأرض وحال بينك وبينها ، وقد قال يحيى بن سعيد ما حال بينك وبين الأرض فهو منها ، انتهى .

                                                                                                                            وكلامه في المقدمات يبين كلامه في كتاب التقييد والتقسيم

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية