الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ولا يجوز التيمم إلا بتراب طاهر له غبار يعلق باليد فإن خالطه ذو غبار ولا يجوز التيمم به ، كالجص ونحوه ، فهو كالماء إذا خالطته الطاهرات .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ولا يجوز التيمم إلا بتراب طاهر ) أي : طهور غير محترق ( له غبار يعلق باليد ) هذا أشهر الروايات عنه ، واختاره الأكثر لقوله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه [ المائدة : 6 ] وما لا غبار له كالصخر لا يمسح بشيء منه ، وقال ابن عباس : الصعيد تراب الحرث ، والطيب : الطاهر . ويؤكده قوله عليه السلام : وجعل لي التراب طهورا رواه الشافعي وأحمد من حديث علي ، وهو حديث حسن ، فخص ترابها بحكم [ ص: 220 ] الطهارة ، وذلك يقتضي نفي الحكم عما عداه ، وقول الخليل : إن الصعيد وجه الأرض ، والزجاج ، مستدلا بقوله تعالى فتصبح صعيدا زلقا [ الكهف : 40 ] ، وقائلا بأنه لا يعلم خلافا بين أهل اللغة ، يعارضه قول ابن عباس ، مع أن قولهما بالنسبة إلى اللغة ، وقوله بالنسبة إلى التفسير ، وقد تأكد بقول صاحب الشريعة ، وقال في " الكشاف " : إن " من " لابتداء الغاية قول متعسف ، ولا يفهم أحد من العرب من قول القائل : مسحت برأسه من الدهن ، ومن الماء ، والتراب إلا معنى التبعيض ، والإذعان للحق أحق من المراء .

                                                                                                                          والثانية ، وأومأ إليها في رواية أبي داود : يجوز بالرمل والسبخة لعموم قوله عليه الصلاة والسلام : وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا ، وجعلت تربتها لنا طهورا رواه مسلم من حديث حذيفة ، والتراب بعض أفرادها ، والتنصيص عليه لا يخصص ، وأجيب بأن التخصيص بالمفهوم لا بذكر بعض الأفراد ، وحمله الخلال على عدم التراب ، وكان لهما غبار ، وشرط القاضي الغبار دون العدم . وفي ثالثة : يجوز بكل ما تصاعد على وجه الأرض من جص ونورة ، ونحوهما ، وحكاه في " الفروع " قولا ، وذلك عند العدم لا مطلقا ، وفي رابعة : يجوز بالسبخة فقط إذا كان لها غبار ، قال الشيخ تقي الدين : وعليه ينزل كلام أحمد ، فعلى الأول : يجوز بكل تراب على أي لون كان ، بشرط أن يكون له غبار يعلق باليد ، ومن ثم لو ضرب بيده على تراب أو لبد أو شجرة أو شعير له غبار يعلق باليد جاز التيمم به ، نص عليه ، وكذا لو سحق الطين ، وتيمم به ، ولو كان مأكولا كالطين الأرمني ، إلا أن يكون بعد الطبخ ، فلا يجزئه على المشهور ، لأن الطبخ أخرجه أن يقع عليه اسم التراب ، وعلم منه أنه لا يصح من مقبرة تكرر [ ص: 221 ] نبشها ، وإن شك فيه ، فوجهان ، ومنع منه ابن عقيل ، وإن لم يتكرر ، والتراب المغصوب كالماء . قال المجد رحمه الله : وظاهره ولو تراب مسجد ، ولعله غير مراد ، فإنه لا يكره بتراب زمزم مع أنه مسجد ، وقالوا : يكره إخراج حصى المسجد وترابه للتبرك وغيره ، والكراهة لا تمنع الصحة ، ولأنه لو تيمم بتراب غيره جاز في ظاهر كلامهم للإذن فيه عادة وعرفا ، كالصلاة في أرضه ، وقال عمر : لا ، لا يتيمم بالثلج لكن إن لم يجد غيره ، وتعذر تذويبه فالمنصوص عنه : أنه يمسح به أعضاء وضوئه ، وفي الإعادة روايتان ، وفي " المغني " لا يجزئه إلا بالجريان ( فإن خالطه ذو غبار ، ولا يجوز التيمم به ، كالجص ونحوه ، فهو كالماء إذا خالطته الطاهرات ) هذه طريقة عامة أصحابنا ، لأنه بدل ، فيقاس على مبدله ، وقيل : يمنع مطلقا ، وقال ابن تميم : وهو أقيس ، لأنه ربما حصل بالعضو منه شيء فمنع وصول التراب ، والمائع يستهلك في الماء .

                                                                                                                          تنبيه : ما يتيمم به واحد فكماء مستعمل ، وقيل : يجوز كما تيمم منه في الأصح ، وأعجب أحمد حمل تراب للتيمم ، وقال الشيخ تقي الدين : لا ، قال في " الفروع " : وهو أظهر ، ويكره نفخ الغبار عن يديه إن قل ، وعنه : أو كثر ، وعنه : لا يكره مطلقا إلا أن يذهب كله بالنفخ .




                                                                                                                          الخدمات العلمية