الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ثم الفجر ، ووقتها من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس ، وتعجيلها أفضل ، وعنه : إن أسفر المأمومون ، فالأفضل الإسفار .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ثم الفجر ) سمي به ، لانفجار الصبح ، وهو ضوء النهار إذا انشق عنه الليل ، وقال الجوهري : هو آخر الليل كالشفق في أوله ، وقد أفجرنا كما تقول : قد أصبحنا من الصبح ، وهو مثلث الصاد حكاه ابن مالك ، وهو ما جمع بياضا ، وحمرة ، والعرب تقول : وجه صبيح لما فيه من بياض وحمرة ، ولا يكره تسميتها بصلاة الغداة في الأصح ، وهي من صلاة النهار ، نص عليه ( و ) أول ( وقتها من طلوع الفجر الثاني ) إجماعا ، ويسمى الصادق ، لأنه صدقك عن الصبح ، ويمتد وقتها المختار ( إلى طلوع الشمس ) لما روى عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : وقت الفجر ما لم تطلع الشمس رواه مسلم ، وقال القاضي ، وابن عقيل : يذهب وقت الاختيار بالإسفار ، ويبقى وقت الإدراك إلى طلوع الشمس ، قدمه في " الرعاية " فعلى هذا يكره التأخير بعد الإسفار بلا عذر ، وقيل : يحرم ، قال ابن البنا : وبطلوع الشمس وغروبها يعتبر في كل بلد بحسبه .

                                                                                                                          فائدة : وقت الفجر يتبع الليل فيكون في الشتاء أطول من الصيف ، والعشاء على العكس . قال الشيخ تقي الدين : ومن زعم أن وقت العشاء بقدر [ ص: 349 ] حصة الفجر في الشتاء وفي الصيف ، فقد غلط غلطا بينا باتفاق الناس ( وتعجيلها ) أول الوقت إذا تيقنه أو غلب على ظنه ( أفضل ) قدمه في " الكافي " و " المستوعب " و " الرعاية " ونصره المؤلف ، وجزم به في " الوجيز " قال في " الفروع " : وهي أظهر لما روت عائشة قالت : كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة ، ما يعرفهن أحد من الغلس متفق عليه ، وعن أبي مسعود الأنصاري : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غلس بالصبح ، ثم أسفر ، ثم لم يعد إلى الإسفار حتى مات رواه أبو داود ، وابن خزيمة في صحيحه ، قال الحازمي : إسناده ثقات ، والزيادة من الثقة مقبولة ، قال ابن عبد البر : صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأبي بكر ، وعمر ، وعثمان أنهم كانوا يغلسون ، ومحال أن يتركوا الأفضل ، وهم النهاية في إتيان الفضائل ( وعنه : إن أسفر المأمومون فالأفضل الإسفار ) وهو الذي في التحقيق ، وجزم به الشريف ، وأبو الحسين ، وأبو الخطاب في " رءوس المسائل " قال الحلواني : العمل عليها ، وصححها ابن عقيل ، قال القاضي : نقلها عبد الله ، والحسن بن ثواب لفعله عليه السلام في العشاء ، فينبغي أن يكون في الفجر مثله ، ولما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذا إلى اليمن فقال : يا معاذ إذا كان الشتاء فغلس بالفجر ، وإذا كان الصيف فأسفر ، فإن الليل قصير ، والناس ينامون رواه أبو سعيد الأموي في " مغازيه " ، والبغوي في " شرح السنة " وظاهره اعتبار حال المأمومين كلهم ، والمذهب كما صرح به الشيرازي والجد أو أكثرهم ، ولعله مراد من أطلق ، وعنه : الإسفار أفضل مطلقا لما روى الطحاوي عن محمد بن خزيمة عن القعنبي عن عيسى بن يونس عن الأعمش [ ص: 350 ] عن إبراهيم قال : ما اجتمع أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - على شيء ما اجتمعوا على التنوير ، وعن علي ، وابن مسعود : أنهما كانا يسفران بها . رواه سعيد ، وعن رافع بن خديج أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر رواه أحمد ، وأبو داود ، وصححه ابن حبان ، ويستثنى من ذلك الحاج بمزدلفة ، لكن حكى الترمذي عن الشافعي ، وأحمد ، وإسحاق أن معنى الإسفار أن يضيء الفجر فلا يشك فيه ، قال الجوهري : أسفر الصبح أي : أضاء يقال : أسفرت المرأة عن وجهها إذا كشفته ، وأظهرته .




                                                                                                                          الخدمات العلمية