الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        525 حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال حدثني أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العصر والشمس مرتفعة حية فيذهب الذاهب إلى العوالي فيأتيهم والشمس مرتفعة وبعض العوالي من المدينة على أربعة أميال أو نحوه

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله ( والشمس مرتفعة حية ) فيه إشارة إلى بقاء حرها وضوئها كما تقدم . وقوله بعد ذلك فيأتيهم والشمس مرتفعة ) أي دون ذلك الارتفاع . لكنها لم تصل إلى الحد الذي توصف به بأنها منخفضة ، وفي ذلك دليل على تعجيله - صلى الله عليه وسلم - لصلاة العصر لوصف الشمس بالارتفاع بعد أن تمضي مسافة أربعة أميال ، وروى النسائي والطحاوي واللفظ له من طريق أبي الأبيض عن أنس قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بنا العصر والشمس بيضاء محلقة ، ثم أرجع إلى قومي في ناحية المدينة فأقول لهم قوموا فصلوا فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد صلى قال الطحاوي : نحن نعلم أن أولئك - يعني قوم أنس - لم يكونوا يصلونها إلا قبل اصفرار الشمس ، فدل ذلك على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعجلها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وبعض العوالي ) كذا وقع هنا أي بين بعض العوالي والمدينة المسافة المذكورة ، وروى البيهقي حديث الباب من طريق أبي بكر الصغاني عن أبي اليماني شيخ البخاري فيه وقال في آخره " وبعد العوالي " [ ص: 36 ] بضم الموحدة وبالدال المهملة ، وكذلك أخرجه المصنف في الاعتصام تعليقا ، ووصله البيهقي من طريق الليث عن يونس عن الزهري لكن قال " أربعة أميال أو ثلاثة " ، وروى هذا الحديث أبو عوانة في صحيحه وأبو العباس السراج جميعا عن أحمد بن الفرج أبي عتبة عن محمد بن حمير عن إبراهيم بن أبي عبلة عن الزهري ولفظه " والعوالي من المدينة على ثلاثة أميال " ، أخرجه الدارقطني عن المحاملي عن أبي عتبة المذكور بسنده فوقع عنده " على ستة أميال " ورواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري فقال فيه " على ميلين أو ثلاثة " فتحصل من ذلك أن أقرب العوالي من المدينة مسافة ميلين وأبعدها مسافة ستة أميال إن كانت رواية المحاملي محفوظة . ووقع في المدونة عن مالك " أبعد العوالي مسافة ثلاثة أميال " قال عياض : كأنه أراد معظم عمارتها وإلا فأبعدها ثمانية أميال . انتهى .

                                                                                                                                                                                                        وبذلك جزم ابن عبد البر وغير واحد آخرهم صاحب النهاية . ويحتمل أن يكون أراد أنه أبعد الأمكنة التي كان يذهب إليها الذاهب في هذه الوقعة ، والعوالي عبارة عن القرى المجتمعة حول المدينة من جهة نجدها ، وأما ما كان من جهة تهامتها فيقال لها السافلة .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) قوله ( وبعض العوالي إلخ ) مدرج من كلام الزهري في حديث أنس ، بينه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في هذا الحديث فقال فيه - بعد قوله والشمس حية - قال الزهري : والعوالي من المدينة على ميلين أو ثلاثة ، ولم يقف الكرماني على هذا فقال : هو إما كلام البخاري أو أنس أو الزهري كما هو عادته .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية