الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            3394 وعن يحيى بن أبي كثير قال : كتب إلي أبو عبيدة بن عبد الله : أما بعد فإني أخبرك عن هدي ابن مسعود وقوله في الصلاة وفعله ، وقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطي جوامع الكلم كان يعلمنا كيف نقول في الصلاة : " التحيات لله والصلوات الطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " ثم تسأل ما بدا لك بعد ذلك وترغب إليه من رحمته ومغفرته كلمات يسيرة ولا تطيل القعود ، وكان يقول : " أحب أن تكون مسألتكم إليه حين يقعد أحدكم في الصلاة ويقضي التحية أن يقول : سبحانك لا إله غيرك اغفر لي ذنبي وأصلح لي عملي إنك تغفر الذنوب لمن تشاء وأنت الغفور الرحيم يا غفار اغفر لي ، يا تواب تب علي ، يا رحمن ارحمني ، يا عفو اعف عني ، يا رؤوف ارأف بي يا رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وطوقني حسن عبادتك يا رب أسألك من الخير كله وأعوذ بك من الشر كله يا رب افتح لي بخير واختم لي بخير وآتني شوقا إلى لقائك من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة ، وقني السيئات ومن تقي السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم " .

                                                                                            ثم ما كان من دعائكم فليكن في تضرع وإخلاص فإنه يحب تضرع عبده إليه ، ثم إن عبد الله كان يقوم بالهاجرة حين ترتفع الشمس فيصلي أربع ركعات يقرأ فيهن بسور من القرآن طوال وقصار ثم لا يلبث إلا يسيرا حتى يصلي صلاة الظهر فيطيل القيام في الركعتين الأوليين يقرأ فيهما بسورتين بـ الم تنزيل السجدة ونحوها من المثاني فإذا صلى الظهر ركع بعدها ركعتين ثم مكث حتى إذا تصوبت الشمس وعليه نهار طويل صلى صلاة العصر ويقرأ في الركعتين الأوليين بسورتين من المثاني أو المفصل وهما أقصر مما في صلاة الظهر فإذا قضى صلاة العصر لم يصل بعدها حتى تغرب الشمس ، فإذا رآها قد توارت صلى صلاة المغرب التي تسمونها العشاء ويقرأ [ ص: 233 ] فيهما بسورتين من قصار المفصل والليل إذا يغشى وسبح اسم ربك الأعلى ونحوهما من قصار المفصل ثم يركع بعدها ركعتين ، وكان يقسم عليها - شيئا لا يقسمه على شيء من الصلوات - بالله الذي لا إله إلا هو إن هذه الساعة لميقات هذه الصلاة ويقول تصديقها : أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ، وهي التي تسمون صلاة الصبح ، وعندها يجتمع الحرسان كان يعز عليه أن يسمع متكلما تلك الساعة إلا بذكر الله وقراءة القرآن .

                                                                                            ثم يمكث بعدها حتى يصلي العشاء التي تسمون العتمة ويقرأ بخواتيم آل عمران : إن في خلق السماوات والأرض إلى خاتمتها ، وخواتيم سورة الفرقان : تبارك الذي جعل في السماء بروجا إلى خاتمتها في ترتيل وحسن صوت بالقرآن ، وكان يقول : إن حسن الصوت بالقرآن زينة له ، فإن لم يقرأ ( فيها بخواتيم هاتين اقرأ نحوهما ، من المثاني أو المفصل فإذا قضى صلاة العشاء ركع بعدها ركعتين ، وكان لا يصلي بعد شيء من الصلاة المكتوبة إلا ركعتين ، ثم صلاة الجمعة ، فإنما كان ) يصلي بعدها أربع ركعات حتى إذا كان من آخر الليل قام فأوتر ما قدر الله من الصلاة إما تسعا أو سبعا أو فوق ذلك حتى إذا كان حين ينشق الفجر ورأى الأفق وعليه من الليل ظلمة قام فصلى الصبح قرأ فيهما بسورتين طويلتين بالرعد ونحوها من المثاني حتى يهم أن يضيء الصبح ، وكان يكبر في كل ( شيء ) من الصلاة حين يقوم لها وكان حين يرفع رأسه فيقول : سمع الله لمن حمده يستوي قائما ثم يحمد ربه ويسبحه وهو قائم ، ثم يكبر للسجدة حين يخر ساجدا ثم يكبر حين يرفع رأسه ثم يستوي قاعدا ويحمد ربه ويسبحه ثم يكبر للسجدة الثانية ثم يكبر حين يرفع رأسه منها ثم يكبر حين يقوم من القعدة فإذا صلى صلاة يسلم مرتين من غير أن يلتفت أو يشير بيده ثم يعمد إلى حاجته إن كانت عن يمينه أو عن شماله وكان إذا قام إلى الصلاة خفض فيها صوته ويديه وكان عامة قوله وهو قائم أن يسبح ، وكان تسبيحه فيها " سبحانك لا إله إلا أنت " لا يفتر عن ذلك قلت : في الصحيح طرف منه في التشهد .

                                                                                            رواه الطبراني في الكبير ، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية