الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإن جنى السيد على المكاتب فقتله وهو يسوى ألف دينار وإنما بقي عليه من كتابته دينار أو أقل أو أكثر إلى أجل لم يعتق المكاتب مما وجب له ويعجز وكذلك لو جنى عليه فقطع يده فوجبت له خمسمائة بصلح أو غيره ولم يبق عليه إلا دينار لم يعتق حتى يقول قد جعلت ما وجب لي قصاصا فإذا قاله قبل يموت ، ثم مات كان حرا حين يقوله ، فإن لم يقله حتى مات كان عبدا وهكذا إن جنى سيد المكاتب على مال المكاتب جناية تلزمه ألف دينار وإنما بقي على المكاتب دينار لم يحل فلم يقل المكاتب قد : جعلتها قصاصا حتى مات ، مات رقيقا ، وإن قال قد جعلتها قصاصا بما علي من الكتابة كان حرا حين يقوله وكذلك إن قال : قد جعلت ما بقي علي من الكتابة قصاصا مما لزم مولاي كان قصاصا وكان حرا واتبعه بفضله وهذا كله إذا لم يحل آخر نجوم المكاتب ، فإن لم يبق على المكاتب إلا نجم أو بعض نجم أو أكثر إلا أن جميع ما عليه قد حل كله ولم يعجزه سيده حتى جنى عليه سيده جناية فيها وفاء بما بقي على مكاتبه أو فيها وفاء وفضل عتق المكاتب ; لأن سيده مستوف بما لزمه جميع ما عليه إذا وجب للمكاتب مثل الذي عليه في الكتابة ألا ترى أني لا أجبر السيد على دفع الجناية إليه إلا أن يكون فيها فضل عن كتابته فأجبره على دفع الفضل إليه وإن وجدت للمكاتب مالا لم أجبره على أن يدفع إلى السيد ما بقي عليه وله عند السيد مثله ، أو أكثر ، وكذلك لو حل آخر نجوم المكاتب فعدا السيد على مال المكاتب فأخذ منه ما بقي له بلا علم من المكاتب عتق المكاتب إذا كانت نجومه حالة وكذلك لو اقتضى دينا بوكالة المكاتب وحبسه على المكاتب بغير إذنه عتق المكاتب .

وإن كانت نجومه لم تحل فرده السيد إليه لم يعتق إلا أن يشاء أن يجعل ذلك قصاصا ويجبر السيد على إعطائه إياه إذا لم تكن نجومه حلت ولم يجبر المكاتب على أن يجعله قصاصا وهذا كله إذا كانت جناية السيد على المكاتب من الصنف الذي منه كاتبه كانت قصاصا فإن كان يلزم السيد بالجناية على المكاتب غير الصنف الذي منه الكتابة لم يعتق بها ولم تكن قصاصا حتى يقبضها ويدفع من ثمنها إليه آخر ما عليه ، أو يصطلحا صلحا يصلح على أنها قصاص وذلك أن يجني على المكاتب وعلى المكاتب مائة صاع حنطة لمكاتب خمسين دينارا وإنما لزم السيد بالجناية ذهب أو ورق أو إبل هي أكثر ثمنا مما على المكاتب فلا يكون هذا قصاصا وإن كانت الكتابة حالة ; لأن الذي على المكاتب غير الذي وجب له ولكن لو حرق السيد للمكاتب مائة صاع مثل حنطته والحنطة التي على المكاتب حالة كان قصاصا وإن [ ص: 77 ] كره سيد المكاتب ، فإن كان خيرا أو شرا من حنطته لم تكن قصاصا حتى يرضى المكاتب إذا كانت الحنطة المحرقة خيرا من الحنطة التي عليه أن يجعلها قصاصا أو يرضى السيد أن يجعلها قصاصا إذا كانت الحنطة التي حرق شرا من الحنطة التي له على المكاتب فلا تكون قصاصا إلا بأن يحتال بها المكاتب برضاه على السيد وهكذا لو كان مكان الحنطة جناية على المكاتب لم يختلف هذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية