الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                              صفحة جزء
                                                                              1851 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا الحسين بن علي عن زائدة عن شبيب بن غرقدة البارقي عن سليمان بن عمرو بن الأحوص حدثني أبي أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوان ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن لكم من نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن

                                                                              التالي السابق


                                                                              قوله ( استوصوا بالنساء خيرا ) قيل الاستيصاء قبول الوصية أي أوصيكم بهن خيرا فاقبلوا وصيتي فيهن وقال الطيبي للطلب أي اطلبوا الوصية من أنفسكم في أنفسهن بخير أو يطلب بعضكم من بعض بالإحسان في حقهن والصبر على عوج أخلاقهن [ ص: 569 ] بلا سبب وقيل الاستيصاء بمعنى الإيصاء (عوان ) جمع عانية بمعنى الأسيرة (غير ذلك ) أي غير الأمر المعهود الذي لأجله شرع نكاحهن قوله ( إلا أن يأتين إلخ ) أي لا تملكون غير ذلك في وقت إلا وقت إتيانهن بفاحشة مبينة أي ظاهرة فحشا وقبحا والمراد النشوز وشكاسة الخلق وإيذاء الزوج وأهله باللسان واليد لا الزنا إذ لا يناسب ( ضربا غير مبرح ) وهذا هو الملائم لقوله تعالى واللاتي تخافون نشوزهن الآية فالحديث على هذا كالتفسير للآية فإن المراد بالضرب فيها هو الضرب المتوسط لا الشديد (والمضاجع ) المراقد أي فلا تدخلوهن تحت اللحف ولا تباشروهن فيكون كناية عن الجماع ( غير مبرح ) بضم ففتح وتشديد راء وحاء مهملة هو الشديد الشاق فإن أطعنكم في ترك النشوز فلا تبغوا إلخ بالتوبيخ والأذية أي فأزيلوا عنهن التعرض واجعلوا ما كان منهن كأن لم يكن فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له (فلا يوطئن ) صفة جمع النساء من الإيطاء قال ابن جرير في تفسيره في معناه أن لا يمكن من أنفسهن أحدا سواكم ورد بأنه لا معنى حينئذ لاشتراط الكراهة لأن الزنا حرام على الوجوه كلها قلت يمكن الجواب بأن الكراهة في جماعهن يشمل عادة للكل سوى الزوج ولذا قال ابن جرير أحدا سواكم فلا إشكال وقال الخطابي معناه أن لا يؤذن لأحد من الرجال يدخل فيحدث إليهن وكان الحديث من الرجال إلى النساء من عادات العرب لا يرون ذلك عيبا ولا يعدونه ريبة فلما نزلت آية الحجاب وصارت النساء مقصورات نهى عن محادثتهن والقعود إليهن وقوله من تكرهون أي تكرهون دخوله سواء كرهتموه في نفسه أم لا قيل المختار منعهن عن إذن أحد في الدخول والجلوس في المنازل سواء كان محرما أو امرأة إلا برضاه والله أعلم




                                                                              الخدمات العلمية