الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وله ذبح شاة ولو أبوها ظبيا ) لأن الأم هي الأصل ( وبقر وبعير ودجاج وبط أهلي وأكل ما صاده حلال ) ولو لمحرم ( وذبحه ) في الحل ( بلا دلالة محرم و ) لا ( أمره به ) ولا إعانته عليه ، فلو وجد أحدهما حل للحلال لا للمحرم على المختار [ ص: 572 ] ( وتجب قيمته بذبح حلال صيد الحرم وتصدق بها ، ولا يجزئه الصوم ) لأنها غرامة لا كفارة حتى لو كان الذابح محرما أجزأه الصوم ; وقيد بالذبح لأنه لا شيء في دلالته إلا الإثم

التالي السابق


( قوله وله ) أي للمحرم ( قوله ولو أبوها ظبيا ) أخرج الأم إذا كانت ظبية فإن عليه الجزاء لما ذكره الشارح ط ( قوله وبط أهلي ) هو الذي يكون في المساكن والحياض لأنه ألوف بأصل الخلقة ، احترازا عن الذي يطير فإنه صيد فيجب الجزاء بقتله بحر ( قوله ولو لمحرم ) اللام للتعليل : أي ولو صاده الحلال لأجل المحرم بلا أمره خلافا للإمام مالك كما في الهداية ( قوله وذبحه في الحل ) أما لو ذبحه في الحرم فهو ميتة كما قدمه .

وفي اللباب : إذا ذبح محرم أو حلال في الحرم صيدا فذبيحته ميتة عندنا لا يحل أكلها له ولا لغيره من محرم أو حلال سواء اصطاده هو أي ذابحه أو غيره محرم أو حلال ولو في الحل ، فلو أكل المحرم الذابح منه شيئا قبل أداء الضمان أو بعده فعليه قيمة ما أكل ، ولو أكل منه غير الذابح فلا شيء عليه ، ولو أكل الحلال مما ذبحه في الحرم بعد الضمان لا شيء عليه للأكل ، ولو اصطاد حلال فذبح له محرم أو اصطاد محرم فذبح له حلال فهو ميتة . ا هـ .

وقال شارحه القاري : اعلم أنه صرح غير واحد كصاحب الإيضاح والبحر الزاخر والبدائع وغيرهم بأن ذبح الحلال صيد الحرم يجعله ميتة لا يحل أكله وإن أدى جزاءه من غير تعرض لخلاف . وذكر قاضي خان أنه يكره أكله تنزيها .

وفي اختلاف المسائل : اختلفوا فيما إذا ذبح الحلال صيدا في الحرم ; فقال مالك والشافعي وأحمد : لا يحل أكله . واختلف أصحاب أبي حنيفة ; فقال الكرخي : هو ميتة ، وقال غيره هو مباح . ا هـ . ( قوله على المختار ) راجع لقوله لا للمحرم ، وهذا ما رواه الطحاوي . وقال الجرجاني : لا يحرم ، وغلطه القدوري واعتمد رواية الطحاوي [ ص: 572 ] فتح وبحر ( قوله وتجب قيمته بذبح حلال ) هذا مكرر مع قوله سابقا وذبح حلال صيد الحرم إلا أنه أعاده ليرتب عليه قوله ولا يجزئه الصوم ط وأراد بالذبح الإتلاف ولو تسببا على وجه العدوان ; فلو أدخل في الحرم بازيا فأرسله فقتل حمام الحرم لم يضمن لأنه أقام واجبا وما قصد الاصطياد فلم يكن تعديا في السبب بل كان مأمورا بحر ( قوله ولا يجزئه الصوم ) إنما اقتصر على نفي الصوم ليفيد أن الهدي جائز وهو ظاهر الرواية كما في البحر .

وفي اللباب : فإن بلغت قيمته هديا اشتراه بها إن شاء وإن شاء اشترى بها طعاما فيتصدق به كما مر ، ويجوز فيه الهدي إن كانت قيمته قبل الذبح مثل قيمة الصيد ، ولا يشترط كونها مثلها بعد الذبح . وأما الصوم في صيد الحرم فلا يجوز للحلال ويجوز للمحرم ( قوله لأنها غرامة ) لأن الضمان فيه باعتبار المحل وهو الصيد فصار كغرامة الأموال ، بخلاف المحرم فإن ضمانه جزاء الفعل لا المحل والصوم يصلح له لأنه كفارة بحر ( قوله في دلالته ) أي دلالة الحلال ولو لمحرم ، والفرق بين دلالة المحرم ودلالة الحلال أن المحرم التزم ترك التعرض بالإحرام ، فلما دل ترك ما التزمه فضمن كالمودع إذا دل السارق على الوديعة ولا التزام من الحلال فلا ضمان بها كالأجنبي إذا دل السارق على مال إنسان بحر .




الخدمات العلمية