الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          المسألة السابعة : الرواية في تيمم المسافر مع وجود الماء :

                          قد علمت أن هذا هو الظاهر المتبادر من الآية التي لا يظهر بدونه تفسيرها بغير تكلف يخل ببلاغتها ، ولكنني لم أر في ذلك رواية عملية صريحة إلا حديث الأسلع بن شريك في سبب نزول الآية ، ففي الدر المنثور للحافظ السيوطي ما نصه :

                          " وأخرج الحسن بن سفيان في مسنده ، والقاضي إسماعيل في الأحكام ، والطحاوي في مشكل الآثار ، والبغوي ، والبارودي في الصحابة ، والدارقطني ، والطبراني ، وأبو نعيم في المعرفة ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه ، والضياء المقدسي في المختارة عن الأسلع بن شريك قال : " كنت أرحل ناقة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأصابتني جنابة في ليلة باردة ، وأراد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الرحلة فكرهت أن أرحل ناقته وأنا جنب ، وخشيت أن أغتسل بالماء [ ص: 105 ] البارد فأموت ، فأمرت رجلا من الأنصار في إرحالها ، ثم رضفت أحجارا فأسخنت بها ماء فاغتسلت ، ثم سمعت ( لعله أدركت ) رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه فقال : يا أسلع ، ما لي أرى رحلتك تغيرت ؟ قلت : يا رسول الله لم أرحلها ، رحلها رجل من الأنصار ، قال : ولم ؟ قلت : إني أصابتني جنابة فخشيت القر على نفسي فأمرته أن يرحلها ورضفت أحجارا فأسخنت بها ماء فاغتسلت به ، فأنزل الله : يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل ، إلى قوله : إن الله كان عفوا غفورا وأخرج ابن سعد ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، والطبراني ، والبيهقي في سننه من وجه آخر عن الأسلع قال : " كنت أخدم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأرحل له فقال لي ذات ليلة : يا أسلع ، قم فأرحل ، فقلت : يا رسول الله أصابتني جنابة فسكت عني ساعة حتى جاءه جبريل بآية الصعيد ، فقال : قم يا أسلع ، فتيمم ثم أراني الأسلع كيف علمه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ التيمم ، فضرب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بكفيه الأرض ، فمسح وجهه ، ثم ضرب فدلك إحداهما بالأخرى ، ثم نفضهما ، ثم مسح بهما ذراعيه ظاهرهما وباطنهما " اهـ .

                          وحديث الأسلع في التيمم بالضربتين في سنده الربيع بن بدر ، وهو ضعيف وممن رواه عنه الدارقطني ، والروايات في التيمم في السفر قليلة ، وفي أكثرها ذكر فقد الماء ، فهذا هو الذي جعل الآية مشكلة أو معضلة عند المفسرين ; على أن أكثر تلك الروايات أو كلها على كونها وقائع أحوال منقولة بالمعنى ، ومن نظر في آية نظرا مستقلا فهمها كما فهمناها ، قال السيد حسن صديق خان :

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية