الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويكره ) الأذان ( للمحدث ) حدثا [ ص: 415 ] أصغر لخبر { كرهت أن أذكر الله إلا على طهر } أو قال " على طهارة " رواه أبو داود ، وقال في المجموع : إنه صحيح فيستحب كونه متطهرا لذلك ، ولأنه يدعو إلى الصلاة فليكن بصفة من يمكنه فعلها وإلا فهو واعظ غير متعظ قاله الرافعي ، وقضيته أنه يسن له التطهر من الخبث أيضا وهو كذلك ( و ) الكراهة ( للجنب أشد ) منها للمحدث لكون الجنابة أغلظ وما يحتاج إليه الجنب ليتمكن من الصلاة فوق ما يحتاج إليه المحدث ، والمراد بالمحدث من لا تباح له الصلاة . وعبارة العباب دالة على ما ذكرناه حيث قال : يكره أذان محدث غير متيمم ( والإقامة ) من كل منهما ( أغلظ ) من الأذان لقربها من الصلاة ، فإن انتظره القوم ليتطهر شق عليهم وإلا ساءت به الظنون ، وقضية كلامه كأصله أن كراهة إقامة المحدث أشد من كراهة أذان الجنب وهو الأوجه لما تقدم من قربها من الصلاة لكن قال الإسنوي يتجه مساواتهما ، وقياس ما ذكروه أن يكون أذان المحدث الجنب أشد من الجنب ، وتقدم أن الحيض والنفاس أغلظ من الجنابة فتكون الكراهة معهما أشد منها معها ، وعلم مما ذكر صحة أذان الجنب وإقامته وإن كان في المسجد ، ومثله مكشوف العورة لأن الحرمة لأمر خارج عن الأذان والإقامة ، فإن أحدث ولو حدثا أكبر في أذانه استحب إتمامه ، ولا يسن قطعه ليتطهر لئلا يوهم التلاعب ، فإن تطهر ولم يطل زمنه بنى على أذانه والاستئناف أولى

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ويكره الأذان للمحدث إلخ ) أي بخلاف غيرهما من الأذكار لا يكره للمحدث لأن القرآن الذي هو أفضل الأذكار لا يكره له فبقية الأذكار بالأولى . قال في التبيان : فصل ويستحب أن يقرأ وهو على طهارة فإن قرأ محدثا جاز بإجماع المسلمين قاله الإمام الحسين . ولا يقال ارتكب مكروها بل هو تارك للأفضل انتهى . وفي العباب : ولا تكره : أي التلاوة لمحدث ، قال في شرحه : لأنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ مع الحدث كما صح عنه ، ولا ينافي ذلك كونها في حق المحدث خلاف الأفضل انتهى . وبين قول ذلك أن ما ذكره العباب نقله في المجموع عن الإمام والغزالي ، فعلم أنه ليس علة كراهة الأذان والإقامة للمحدث مجرد كونهما ذكرا كما توهم ، والله تعالى أعلم . وفي فتاوى السيوطي في باب الأذان : ولا يكره الذكر للمحدث بل ولا للجنب انتهى . وسيأتي أنه لا يكره [ ص: 415 ] إجابة الحائض والنفساء للمؤذن انتهى سم على حج ( قوله : وقضيته ) أي قضية قوله ولأنه يدعو إلى الصلاة ( قوله : والمراد بالمحدث من لا تباح له الصلاة ) أي فالمتيمم ليس محدثا لأنه تباح له الصلاة . وقضية التعبير بمن لا تباح له الصلاة أن فاقد الطهورين كالمتيمم وبه صرح شيخنا الزيادي ( قوله : فإن انتظره ) أي انتظروا من أقام وذهب ليتطهر شق إلخ ( قوله : وإلا ساءت به الظنون ) أي وإن لم ينتظروه بأن أقام لهم وهو محدث أو جنب ولم يصل ساءت به الظنون ( قوله : وقضية كلامه إلخ ) في كون ما ذكر قضية كلام المصنف خفاء فليتأمل . وقد يقال وجهه أن حذف المعمول في قوله والإقامة أغلظ يفيد أنها أغلظ من كل من أذان المحدث والجنب ( قوله : لكن قال الإسنوي يتجه إلخ ) ضعيف ( قوله : أشد من الجنب ) أي المتوضئ ( قوله : ولو حدثا أكبر في أذانه استحب إتمامه ) أي فلو كان الأذان في مسجد حرم المكث ووجب قطع الأذان انتهى سم على حج بالمعنى . أقول : وينبغي أن محل وجوب القطع حيث لم يتأت له فعله بلا مكث بأن لم يتأت سماع الجماعة له إلا إذا أكمله بمحله مثلا وإلا [ ص: 416 ] فيجب خروجه من المسجد ويكمل الأذان في مروره أو بباب المسجد إن أراد إكماله



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : لخبر { كرهت أن أذكر الله إلا على طهر } ) قضية الاستدلال به أن الكراهة مع الحدث من حيث كون الأذان ذكرا ، وليس كذلك ; لأن القرآن الذي هو أفضل الأذكار لا يكره مع الحدث كما بينه الشهاب سم ، ومن ثم حكم الشهاب المذكور بوهم من ادعى ذلك ، والشهاب حج استدل بخبر { لا يؤذن إلا متوضئ } ( قوله : من لا تباح له الصلاة ) فلا كراهة في أذان فاقد الطهورين كما بحثه الشهاب سم وصرح به الدميري وإن أخرجته عبارة العباب المذكورة ، لكن بحث الشهاب المذكور في محل آخر الكراهة . وينبغي أن يقال : إن كان يؤذن لنفسه فلا يكره بدليل طلب نحو السورة منه ، وإن كان أذانه لتأدية الشعار كره إلا أن يكون لمثله فتدبر ( قوله : وقضية كلامه ) أي بالنظر لما قرره هو به حيث أطلق في الأذان من قوله من الأذان وأما غيره فأضافه للضمير فقال من أذانه ، لكن يبقى النظر في المتن في حد ذاته أي المعنيين أظهر ( قوله : فتكون الكراهة معهما أشد إلخ ) مراده أذانهما بغير رفع صوت وإلا فقد مر أن أذان المرأة ، والخنثى برفعه حرام كذا حمل عليه الشهاب سم عبارة شرح الروض ، وفيه نظر إذ لا يسمى أذانا وإنما هو مجرد ذكر ، فالأولى الجواب بأنه بالنسبة للإقامة




                                                                                                                            الخدمات العلمية