الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار أنه قال رأيت عبد الله بن عمر يبول قائما قال يحيى وسئل مالك عن غسل الفرج من البول والغائط هل جاء فيه أثر فقال بلغني أن بعض من مضى كانوا يتوضئون من الغائط وأنا أحب أن أغسل الفرج من البول

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          145 142 - ( مالك عن عبد الله بن دينار أنه قال : رأيت عبد الله بن عمر يبول قائما ) لأن مذهبه جوازه بلا كراهة ، وبه قال أبوه وزيد بن ثابت وابن المسيب وابن سيرين والنخعي وأحمد ، وقال مالك إن كان في مكان لا يتطاير عليه منه شيء فلا بأس به وإلا كره وكرهه تنزيها عامة العلماء .

                                                                                                          وفي الصحيحين وغيرهما عن حذيفة : " أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - سباطة قوم فبال قائما " قال ابن حبان : لأنه لم يجد مكانا يصلح للقعود فقام لكون المكان الذي يليه من السباطة غالبا فأمن أن يرتد إليه شيء من بوله ، وقيل لأن السباطة رخوة يتخللها البول فلا يرتد إلى البائل شيء من بوله ، وقيل إنما بال قائما لأنها حالة يؤمن معها خروج الريح بصوت فعل ذلك لكونه قريبا من الديار ، ويؤيده ما رواه عبد الرزاق عن معمر قال : البول قائما أحصن للدبر ، وقيل سبب ذلك ما روي عن الشافعي وأحمد أن العرب كانت تستشفي به لوجع الصلب فلعله كان به .

                                                                                                          وروى الحاكم والبيهقي عن أبي هريرة قال : إنما بال - صلى الله عليه وسلم - قائما لوجع كان في مأبضه وهو بهمزة ساكنة فموحدة فمعجمة باطن الركبة فكأنه لم يتمكن لأجله من القعود ، ولو صح هذا الحديث لأغنى عن جميع ما تقدم لكن ضعفه الدارقطني والبيهقي ، والأظهر أنه فعل ذلك لبيان الجواز وكان أكثر أحواله البول قاعدا ، وزعم أبو عوانة وابن شاهين أن البول عن قيام منسوخ واستدلا بحديث عائشة : " ما بال - صلى الله عليه وسلم - قائما بعد أن أنزل عليه القرآن " رواه أبو عوانة والحاكم .

                                                                                                          وبحديثها : " من حدثكم أنه [ ص: 254 ] كان يبول قائما فلا تصدقوه ما كان يبول إلا قاعدا " والصواب أنه غير منسوخ ، وحديث عائشة مستند إلى علمها فيحمل على ما وقع منه في البيوت فلم تطلع هي على بوله قائما ، وقد حفظه حذيفة وهو من كبار الصحابة وكان ذلك بالمدينة فيتضمن الرد على ما نفته من أنه لم يقع بعد نزول القرآن ، وقد ثبت عن عمر وابنه وعلي وزيد بن ثابت وغيرهم أنهم بالوا قياما ، وهو دال على الجواز من غير كراهة إذا أمن الرشاش ولم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في النهي عنه شيء ذكره في فتح الباري .

                                                                                                          ( قال يحيى : وسئل مالك عن غسل الفرج من البول والغائط هل جاء فيه أثر ؟ فقال : بلغني أن بعض من مضى كانوا يتوضئون ) أي يغسلون الدبر ( من الغائط ) قال في الاستذكار : عنى به ابن عمر بن الخطاب لأنه من روايته عنه يعني سابقا أنه كان يتوضأ بالماء لما تحت إزاره ، وقد روي في قصة أهل قباء أنهم كانوا يتوضئون من الغائط بالماء .

                                                                                                          ( وأنا أحب أن أغسل الفرج من البول ) أيضا وإن جاز بالحجر .




                                                                                                          الخدمات العلمية