الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " فإن لم يسجد إمامه سجد من خلفه " .

                                                                                                                                            وهذا كما قال .

                                                                                                                                            إذا سها الإمام في صلاته فلم يسجد لسهوه إما عامدا ، أو ناسيا ، فعلى المأمومين سجود السهو ، وبه قال مالك ، والأوزاعي ، وأكثر الفقهاء .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : لا يسجد المأموم إذا لم يسجد الإمام ، وبه قال المزني ، وأبو حفص بن الوكيل من أصحابنا .

                                                                                                                                            واستدل المزني بأن قال المأموم لم يسه في صلاته ، وإنما سجد تبعا لإمامه ، فإن لم يسجد الإمام سقط حكم الاتباع .

                                                                                                                                            [ ص: 229 ] واستدل ابن الوكيل بأن قال : المأموم قد ترك المسنون إذا تركه الإمام ألا ترى لو أن الإمام قام إلى الثالثة قبل التشهد قام المأموم معه ولم يتشهد ، فكذلك يترك سجود السهو لترك الإمام له ، وهذا خطأ .

                                                                                                                                            والدليل على خطئه أن صلاة المأموم متعلقة بصلاة الإمام ، ومتصلة بها في إدراك فضيلة الجماعة ، وسقوط سهوه بكمال صلاة الإمام ، فكذلك إنما يجب أن يكون النقص الداخل في صلاة الإمام داخلا في صلاة المأموم ، وإذا كان النقص داخلا في صلاته وجب أن يلزمه جبرانه بسجود السهو كما يلزمه جبرانه لو كان منفردا ، ولا يسقط عنه بترك الإمام له ، فأما قول المزني أنه يسجد مع إمامه على وجه التبع فقد دللنا على أنه يسجد معه لجبران صلاته من النقص الداخل عليها من صلاة إمامه فسقط استدلاله بها .

                                                                                                                                            وأما قول ابن الوكيل أنه يترك التشهد اتباعا لإمامه فكذلك سجود السهو .

                                                                                                                                            فالجواب عنه أن يقال : إنما ترك التشهد لأن اتباعه فيما بقي من الصلاة فرض ، والتشهد نفل ، فلم يجز الفرض بالنفل ، ولأن سجود السهو قد سقط عنه فرض الاتباع بسلام الإمام فلم يكن فيما يأتي به من جبران صلاته ترك لفرض اتباعه فلذلك أتى به .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية