الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وآخر الليل أحب إلي من أوله ، وإن جزأ الليل أثلاثا فالأوسط أحب إلي أن يقومه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح إذا أحب المصلي أن يجزئ ليله جزأين أحدهما : لنومه ، أو لشغله والآخر لصلاته ، فالجزء الأخير أحب إلينا أن يجعله لصلاته لقوله سبحانه : والمستغفرين بالأسحار [ آل عمران : 17 ] . ولما روي عن ابن عباس قال : بت عند خالتي ميمونة فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فنام بعد العشاء إلى أن انتصف الليل ، وقام من نصف الليل إلى أن جاء بلال ولأنه إذا قدم نومه كان ذلك أسكن لجسده ، وأخلى لقلبه ، وأنقى لروعه ، وأمكن له في عادته ، وأما إن اختار أن يجزئ ليله أثلاثا ، فيجعل ثلثا لنومه ، وثلثا لصلاته ، وثلثا لنظره في أمره ، فالثلث الأوسط أحب إلينا أن يجعله لصلاته لقوله سبحانه : إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا [ المزمل : 60 ] ، يعني : ناشئة ما تنشأ في أثناء الليل حالا بعد حال .

                                                                                                                                            وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن أفضل الأعمال فقال : الصلاة في الليل البهيم يعني : الأسود .

                                                                                                                                            وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أفضل الصوم صوم أخي داود كان يصوم يوما ، ويفطر [ ص: 293 ] يوما ، وأفضل الصلاة صلاة أخي داود كان ينام الثلث ، ويقوم النصف ، وينام السدس ولأن أوسط الليل أهدأه ، وأخلاه فلذلك ما اخترناه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية