الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
9899 - لا ضرر ولا ضرار (حم هـ) عن ابن عباس (هـ) عن عبادة- (ح)

التالي السابق


(لا ضرر) أي لا يضر الرجل أخاه فينقصه شيئا من حقه (ولا ضرار) فعال بكسر أوله، أي لا يجازي من ضره بإدخال الضرر عليه، بل يعفو، فالضرر فعل واحد، والضرار فعل اثنين، أو الضرر ابتداء الفعل، والضرار الجزاء عليه، والأول إلحاق مفسدة بالغير مطلقا، والثاني إلحاقها به على وجه المقابلة، أي كل منهما يقصد ضرر صاحبه بغير جهة الاعتداء بالمثل، وقال الحرالي: الضر بالفتح والضم: ما يؤلم الظاهر من الجسم، وما يتصل بمحسوسه في مقابلة الأذى، وهو إيلام النفس وما يتصل بأحوالها، وتشعر الضمة في "الضر" بأنه عن قهر وعلو، والفتحة بأنه ما يكون من مماثل أو نحوه اهـ. وفيه تحريم سائر أنواع الضرر إلا بدليل؛ لأن النكرة في سياق النفي تعم، وفيه حذف أصله: لا لحوق أو إلحاق، أو لا فعل ضرر أو ضرار بأحد في ديننا، أي لا يجوز شرعا إلا لموجب خاص، وقيد النفي بالشرع لأنه بحكم القدر الإلهي لا ينبغي، وأخذ منه الشافعية أن للجار منع جاره من وضع جذعه على جداره وإن احتاج، وخالف أحمد تمسكا بخبر: لا يمنع أحد جاره أن يضع خشبته على جداره، ومنعه الشافعية بأن فيه جابرا الجعفي ضعفوه، وبفرض صحته [ ص: 432 ] فقد قال ابن جرير : هو وإن كان ظاهره الأمر لكن معناه الإباحة والإطلاق بدليل هذا الخبر وخبر: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام

(حم هـ عن ابن عباس ) قال: قضى النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا ضرر ولا ضرار، قال الهيثمي: رجاله ثقات، وقال النووي في الأذكار: هو حسن (هـ عن عبادة) بن الصامت، رمز لحسنه، قال الذهبي : حديث لم يصح، وقال ابن حجر: فيه انقطاع، قال: وأخرجه ابن أبي شيبة وغيره من وجه آخر أقوى منه اهـ. ورواه الحاكم والدارقطني عن أبي سعيد وزاد: من ضر ضره الله، ومن شق شاق الله عليه اهـ، وفيه عثمان بن محمد بن عثمان ، لينه عبد الحق، والحديث حسنه النووي في الأربعين قال: ورواه مالك مرسلا، وله طرق يقوي بعضها بعضا، وقال العلائي: للحديث شواهد ينتهي مجموعها إلى درجة الصحة أو الحسن المحتج به.



الخدمات العلمية