الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإن زال تغير النجس ، لا بكثرة مطلق فاستحسن الطهورية ، وعدمها [ ص: 43 ] أرجح .

التالي السابق


( وإن زال تغير ) الماء الذي لا مادة له ( النجس ) بكسر الجيم أي المتنجس ببول مثلا وعطف على صلة " زال " المقدرة أي بنفسه فقال ( لا بكثرة ) أي زيادة صب ماء ( مطلق ) عليه ولا بإلقاء شيء طاهر فيه من تراب ، أو طين ، أو نحوهما ( فاستحسن ) بضم المثناة فوق وكسر السين الأخيرة أي من بعض شيوخ أهل المذهب غير الأربعة ونائب فاعل " استحسن " ( الطهورية ) للماء الذي زال تغيره ; لأن الحكم بنجاسته لتغيره وقد زال ، والحكم ينتفي بانتفاء علته كذهاب حرمة الخمر ونجاستها بذهاب إسكارها بتخللها ، أو تحجرها .

( وعدمها ) أي الطهورية الصادق بعدم الطاهرية وهو مراده بقرينة كون الكلام في [ ص: 43 ] متغير بنجس وخبر " عدمها " ( أرجح ) أي رجحه ابن يونس من خلاف من تقدم عليه وهذا هو المعتمد عند عج وعبق وشب والعدوي واعتمد البناني الأول ، والثاني مقيد بوجود غيره وإلا استعمل مراعاة للأول فحل الخلاف إذا وجد ماء آخر غير ذلك الماء فإن لم يوجد إلا هو فإنه يستعمل بلا كراهة اتفاقا لمراعاة الخلاف قاله العدوي ابن غازي ليس لابن يونس هنا ترجيح ، وإنما ترجيحه في إزالة عين النجاسة بماء طاهر غير طهور كماء ورد فقيل يزول حكمها أيضا ويطهر المحل وقيل لا ورجحه ابن يونس ويجاب عنه بأن من حفظ حجة على من لم يحفظ وبتسليم أن المصنف لم يطلع على ترجيح ابن يونس في فرع زوال تغير النجس فلا فرق بينه وبين زوال عينها بغير المطلق فلزم من الترجيح في الثاني الترجيح في الأول بجامع زوال أعراضها بغيره والله أعلم .

فإن كان النجس الذي زال تغيره قليلا فهو نجس اتفاقا ، وإن زال بصب مطلق عليه ولو قليلا فهو طهور اتفاقا ومنه ما له مادة ، وإن زال بإلقاء نحو طين فيه ولم يتغير الماء به فكذلك ، وإن تغير به فلا لاحتمال بقاء تغيره بالنجس وخفائه بتغيره بنحو الطين ، ومفهوم النجس أن المتغير بطاهر مفارق له غالبا إن زال تغيره بنفسه فهو طهور قاله الحطاب ورجح ، وإن كان القياس أنه من فرع المخالط الموافق المختلف فيه أيضا .




الخدمات العلمية