الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4271 67 - حدثنا محمد، حدثنا النفيلي، حدثنا مسكين، عن شعبة، عن خالد الحذاء، عن مروان الأصفر، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن عمر أنها قد نسخت وإن تبدوا ما في أنفسكم أو الآية.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، ومحمد شيخ البخاري الذي ذكره مجردا هو ابن يحيى الذهلي، قال الكلاباذي: وقال الحاكم: هو محمد بن إبراهيم البوشنجي، وقيل: كلام أبي نعيم يقتضي أنه محمد بن إدريس أبي حاتم الرازي، فإنه أخرجه من طريقه، ثم قال: أخرجه البخاري، عن محمد، عن النفيلي، وقاله الجياني، كذا هو في أكثر النسخ يعني حدثنا محمد، حدثنا النفيلي، وسقط من كتاب ابن السكن [ ص: 134 ] ذكر محمد، وإنما فيه حدثنا النفيلي، وهو عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل شيخ البخاري، والصواب ثبوته، وزعم ابن السكن أن محمدا هو البخاري، فحذفه وليس كذلك، ومسكين -أخو الفقير- بن بكير -مصغر بكر- أبو عبد الرحمن الحراني بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء وبالنون نسبة إلى حران مدينة بالشرق، واليوم خرابة، مات سنة ثمان وتسعين ومائة، وليس له في البخاري إلا هذا، ومروان الأصفر، ويقال له الأحمر أيضا، وقد تقدم في الحج، وليس له إلا هذا الحديث، وآخر في الحج.

                                                                                                                                                                                  قوله: "عن رجل من أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وهو ابن عمر" أبهم أولا ثم أوضح ثانيا بأنه عبد الله بن عمر. قال الكرماني: هذا التوضيح من الراوي عن مروان أو تذكر بعد نسيانه.

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم: لم يتضح لي من هو الجازم بأنه ابن عمر، فإن الرواية الآتية بعد هذه بلفظ: "أحسبه ابن عمر".

                                                                                                                                                                                  قلت: لا يحتاج إلى إيضاح الجازم إياه؛ لأنه أحد رواة الحديث على كل حال وهم ثقات، وقد جزم في هذه الرواية بأنه ابن عمر، وقوله في الرواية الأخرى: "أحسبه" يحتمل أن يكون قبل جزمه بأنه ابن عمر، فلما تحقق أنه ابن عمر ذكره بالجزم، وقال ابن التين: إن ثبت هذا عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فمعنى النسخ هنا العفو والوضع.

                                                                                                                                                                                  قوله: "إنها نسخت" ويروى أنه قال: "إنها نسخت" أي أن قوله وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله وقوله وإن تبدوا إلى آخره بيان لما قبله، وهو أن المنسوخ هو قوله وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله

                                                                                                                                                                                  فإن قلت: روى أحمد من طريق مجاهد قال: دخلت على ابن عباس فقلت: عبد الله بن عمر فقرأ وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فبكى، وقال ابن عباس: إن هذه الآية لما نزلت غمت أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم غما شديدا، وقالوا: يا رسول الله هلكنا; فإن قلوبنا ليست بأيدينا، فقال: قولوا سمعنا وأطعنا، فقالوا، فنسختها هذه الآية لا يكلف الله نفسا إلا وسعها انتهى، فهذا يدل على أن ابن عمر لم يطلع على كون هذه الآية منسوخة.

                                                                                                                                                                                  قلت: أجيب بأنه يمكن أن ابن عمر لم يكن عرف القصة أولا، ثم لما تحقق ذلك جزم بالنسخ، فيكون مرسل صحابي.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية